للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَتَشَاغَلُ بِه. لأنَّ حُكْمَ أَهْلِ العِلْمِ، وَالذِى نَعْرِفُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِى قَبُولِ مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ المُحَدِّثُ مِنَ الحَدِيثِ، أَنْ يَكُونَ قَدْ شَارَكَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالحِفْظِ فِى بَعْضِ مَا رَوَوْا، وَأَمْعَنَ فِى ذَلِكَ عَلَى المُوَافَقَةِ لهُمْ، فَإِذَا وُجِدَ كَذَلِكَ، ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا ليْسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، قُبِلتْ زِيَادَتُهُ.

ــ

إليه أهل التحقيق من الفريقين، وأشار إليه مسلم فى هذا الفصل من جواز قبوله إذا كان الراوى شارك الثقات فى الحفظ والرواية، بخلاف إذا لم يُشاركهم ولا وافقهم فيما رووه، ثم انفرد هو برواية الكثير مما لم يرووه عن أشياخهم ولا عرفه أولئك المشاهير من حديثهم فهذا ينكر ولا يقبل (١)، وتُسْترابُ جملة حديثه ويترك، لتهمتنا [له، إ] (٢) ما لسوء (٣) الحفظ والوهم، أو التساهل، بخلاف الزيادة فى الحديث نفسه أو رواية الحديث الواحد من هذا الفن، فإن مثل هذا يُقبَل منه، لثقته، فإن ظهر فيها وهم (٤) لم يقدح فى عدالته (٥) واحتمل لصحة حديثه واستقامة روايته لغيره، وقد بين مسلم الغرض فيه وأجاد (٦)، وحملنا زيادته هذه التى لم نر ما (٧) يُبطلها ويُعارضُها على أنه حفظ ما لم يحفظ غيرُه وضبط ما لم يضبط أصحابُه (٨)، وعلى هذا ثبت زيادةُ الشاهد على غيره من


(١) ذكره ابن حبان فى كتابه " المجروحين " فى النوع الثالث عشر من أنواع جرح الضعفاء فقال: " هو من كثر خطؤه وفحش، وكاد أن يغلب صوابه، فاستحق الترك من أجله وإن كان ثقة فى نفسه، صدوقاً فى روايته، لأن العدل إذا ظهر عليه أكثر أمارات الجرح استحق الترك، كما أن من ظهر عليه أكثر علامات التعديل استحق العدالة. ثم نقل بإسناده عن عبد الرحمن بن مهدى قوله: " قلت لشعبة: من الذى يُترك الرواية عنه؟ قال: إذا أكثر عن المعروفين من الرواية ما لا يُعرف، أو أكثر الغلط ".
ومثل لذلك بسؤال مُضر بن محمد الأسوى ليحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال له: " إذا حدَّث عن الشاميين فحديثه صحيح، وإذا حدَّث عن العراقيين أو المدنيين خلط ما شئت " المجروحين ١/ ٧٦، ٧٧.
(٢) مطموس فى الأصل.
(٣) فى ت: بسوء.
(٤) فى الأصل: وهمه، وما أثبتناه من ت، وهو الأليق بالسياق. المغيث.
(٥) العدالة- كما يقول صاحب توجيه النظر- كالضبط، تقبل الزيادة والنقصان والقوة والضعف. والعدالة والضبط إما أن ينتفيا عن الراوى، أو توجد فيه العدالة وحدها، أو الضبط وحده، فإن انتفيا من الراوى لم يقبل حديثه مطلقاً، وإن اجتمعا فيه قبل حديثه وكان صحيحاً، وإن وجدت فيه العدالة دون الضبط توقف فيه على شاهد منفصل يجبر ما فات من ضبطه، وإن وجد فيه الضبط دون العدالة لم يقبل حديثه، لأن العدالة هى الركن الأكبر فى الرواية. توجيه النظر: ٣٠ - ٣٥.
قال الحافظ السخاوى: " مجرد الوصف بحافظ أو ضابط غير كاف فى التوثيق، فالوصف المعتبر بهما لا يكون إلا فى عَدْل. ص ١٥٧ بتصرف يسير.
ثم إن وقوع الوهم أو الأوهام اليسيرة لا يخرج الثقة عن كونه كذلك جاء فى لسان الميزان عن يحيى بن معين: " من لا يخطئ فى الحديث- أى من زعم لنفسه ذلك- فهو كذاب " ١/ ١٧.
(٦) قيد بعدها فى ت: لصحة حديثه، ولا نرى لها هنا موضعاً.
(٧) فى ت: من.
(٨) قال الذهبى فيما نقله اللكنوى عنه: الثقةُ الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع وأكمل رتبةً، وأدلَّ على =

<<  <  ج: ص:  >  >>