للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجزمُ ما عُطف على الجواب دليل على جزم الجواب.

وليست "إذْ" كذلك لتبيين وقتها وكونِه ماضيًا، والشرطُ إنّما يكون بالمستقبل، فلذلك ساغ أن يليها الاسمُ والفعلُ.

فإذا دخلتْ عليها "مَا"، كفتْها عن الإضافة، نحوَ قوله، وهو العَباس بن مِرْداس [من الكامل]:

إذ ما أتَيْتَ على الرسول فقُلْ له ... إلخ

الشاهد فيه مُجازاتُه بـ "إذْمَا"، ودل على ذلك إتيانُه بالفاء جوابًا, لأنّها صارت بدخولِ "مَا" عليها، وكَفِّها لها عن الإضافة المُوضِحةِ الكاشفةِ عن معناها، مبهمة بمنزلةِ "مَتَى"، فجازت المجازاةُ بها، كما يُجازَى بـ "متَى". والفرقُ بيِن "مَتَى" و"إذْ" أن "متى" للزمان المطلق، و"إذْ" للزمان المعين إلَّا أنّ "إذْ" تفسير بتركيب "مَا" معها حرفا من حروف الجزاء عند سيبويه (١)، وتخرج عن حَيزِ الأسماء، وسيوضَح ذَلك في موضعه من الجزاء.

وقد تكون "إذا" للمُفاجأة، فتكون فيه اسما للمكان، وظرفًا من ظروفه، فتقول: "خرجتُ فإذا زيدٌ قائم"، و"خرجتُ فإذا زيدٌ قائمًا"، و"خرجتُ فإذا زيد". فإذا قلت: "خرجتُ فإذا زيد قائم". كان "زيد" المبتدأ، و"قائم" الخبرَ، و"إذا" ظرفَ مكان عمِل فيه الخبرُ، كما تقول: "في الدار زيد قائم"، والمرادُ: بحَضْرتي زيدٌ قائمٌ، أي: فاجَأني عند خروجي. وإذا قلت: "فإذا زيدٌ قائمًا"، جعلتَ "إذا" الخبرَ؛ لأنّه ظرفُ مكان، وظروفُ


= المعنى: إذا كانت أسيافنا قصيرة عند لقاء الأعادي، وصلناها بخطواتنا مقدمين عليهم حتى ننال منهم بها.
الإعراب: "إذا": ظرف لما يستقبل من الزمان متضمّن معنى الشرط متعلق بجوابه. "قصرت": فعل ماض مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث لا محلّ لها من الإعراب. "أسيافنا": فاعل مرفوع بالضمّة، و"نا": مضاف إليه محله الجر. "كان": فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح. "وصلها": اسم "كان" مرفوع بالضمّة، و"ها": في محل جر مضاف إليه. "خطانا": خبر "كان" منصوب بفتحة مقدّرة على الألف و"نا": في محل جرّ مضاف إليه. "إلى أعدائنا": جار ومجرور متعلّقان بـ "وصلها"، و"نا": ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. "فنضارب": الفاء: حرف عطف، "نضارب": فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على جواب شرط "إذا" المتوهم جزمه، وحزك بالكسر لضرورة القافية، وفاعله ضمير مستتر تقديره: نحن.
جملة "إذا قصرت ... ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قصرت": في محل جر بالإضافة. وجملة "كان وصلها": جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب، أو جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الإعراب. وجملة "فنضارب": معطوفة على جملة "كان وصلها" لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "فنضارب" حيث جزم الفعل المضارع لعطفه على جواب شرط "إذا"، وعلى هذا تكون جازمة، وقد روي البيت روايات متعددة منها بالرفع (على الإقواء)، ومنها بالرفع ضمن قصيدة مضمومة الروي.
(١) الكتاب ٣/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>