للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن هذه في موضع حركة، وهي ضمّةٌ، وتلك في موضع سكون، فأمّا قوله [من البسيط]:

مَهْلًا فِداء لك الأقوامُ كُلُّهُمُ ... وما أُثَمرُ من مالٍ ومن وَلَدِ (١)

فالبيت للنابغة، و"الأقوامُ" رفع, لأنّه فاعلُ "فداء", لأنّه في معنى: ليَفْدِكَ الأقوامُ، ويروى بالرفع على الابتداء والخبر، وبالنصب على المصدر، ذكره النَّحّاسُ، فاعرفه.

[فصل [أسماء الأفعال المتصلة بكاف الخطاب]]

قال صاحب الكتاب: ومن أسماء الفعل دونك زيداً أي خذه، وعندك عمراً، وحذرك بكراً وحذارك ومكانك وبعدك إذا قلت تأخر أو حذرته شيئاً خلفه، وفرطك وأمامك إذا حذرته من بين يديه شيئاً أو امرأته أن يتقدم، ووراءك أي انظر إلى خلفك إذا بصرته شيئاً.

* * *

قال الشارح: قد سموا الأفعال بأسماء مضافةٍ ظروفِ أَمْكِنَة وغيرِها، وقد قصره بعضُهم على السَّماع، ولا يستعمِل إلَّا ما ورد عن العرب من ذلك، ولا يَقيسه. وقد أجاز الكسائيُّ الإغراء بجميعِ حروف الصفات. ويريد أهلُ الكوفة بحروف الصفات حروفَ الجر، لإجراء حروف الجرّ مُجرى الظروف. والمذهبُ الأوّلُ، وعليه الأكثرُ؛ وذلك لقلّة ما جاء منه عنهم، فمن ذلك قالوا: "دُونَكَ زيدا"، أي: خُذْه من تحت، و"عندك عمرا"، أي: الْزَمْه من قُرْبٍ، وقالوا: "مكانَك" بمعنى "اُثْبُتْ". قال الله تعالى: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} (٢)، فأكّد الضمير في مكانكم حيث عطف عليه "الشركاء"، فهو كقولك: "اثبتوا أنتم وشركاؤكم".

وقالوا: "بَعْدَكَ"، و"وَراءَكَ" إذا قلت له: تَأَخَّرْ، وحذّرتَه شيئًا من خَلفه، وقالوا: "فَرَطَكَ"، و"أَمامَك" إذا حذّرتَه من بين يدَيْه شيئًا؛ فهذه كلُّها ظروفٌ أُنيبت عن فعل الأمر، فهي في مذهب الفعل لذلك. والذي يدل على ذلك قوله [من الوافر]:

٥٩٩ - وقَوْلِي كُلَّما جَشَأتْ وجاشَتْ ... مَكانَكِ تُحْمَدِي أو تَسْتَرِيحِي


= وجملة "هي تنوش": بحسب الفاء. وجملة "تنوش": خبر للمبتدأ (هي) محلها الرفع.
والشاهد فيه قوله: "من علا"، والاستدلال به على أن قولهم: من عَلُ محذوف اللام، فإذا صُغر، وقد سُمّي به، قيل: عُلَيّ.
(١) تقدم بالرقم ٥٩٢.
(٢) يونس: ٢٨.
٥٩٩ - التخريج: البيت لعمرو بن الإطنابة في إنباه الرواة ٣/ ٢٨١؛ وحماسة البحتري ص ٩؛ والحيوان ٦/ ٤٢٥؛ وجمهرة اللغة ص ١٠٩٥؛ وخزانة الأدب ٢/ ٤٢٨؛ والدرر ٤/ ٨٤؛ وديوان المعاني ١/ ١١٤؛ وسمط اللآلي ص ٥٧٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٤٣؛ وشرح شواهد المغني ص ٥٤٦؛ ومجالس =

<<  <  ج: ص:  >  >>