و"أَيَادِي سَبَا" من هذا الضرب، وليس منه، وإنّما هو من الضرب الأوّل؛ لأنهما ليسا عَلَمَيْن، وسيوضح أمرُهما إن شاء الله تعالى.
[فصل [حكم الأعداد المركبة]]
قال صاحب الكتاب: والأصل في العدد المنيف على العشرة أن يعطف الثاني على الأول، فيقال:"ثلاثة وعشرة"، فمزج الأسمان وصيرا واحداً لوجود العلتين.
* * *
قال الشارح: قد تقدّم القول: إن من الأسماء المركبة العَدَدَ من "أحَدَ عَشَرَ" إلى "تِسْعَة عَشَرَ"، من نحوِ "ثلاثةَ عشرَ"، و"خمسةَ عشرَ"، ونحوِ ذلك، جعلتَ النيفَ والعشرةَ اسمًا واحدًا، وبنيتَهما على الفتح. والذي أوجب بناءَهما أنّ التقدير فيهما: خمسةٌ وعشرةٌ، فحُذفت الواو، وركبوا أحدَ الاسمَيْن مع الآخر، وجعلوهما كالاسم الواحد الدال على مسمى واحد، ليجري مجرى سائر الأعداد المفردةِ، نحوِ:"خمسة"، و"ستة"؛ لأنّه أخصرُ. وربما احتاجوا إلى ذلك في بعضِ الاستعمال، وذلك أنّك لو قلت:"أعطيتُ بهذه السلْعة خمسةً وعشرة"، جاز أن يتوهم المخاطَبُ أنهما صَفْقَتان، أُعْطي بها مرّة خمسة، ومرةَ عشرةٌ. فإذا ركبت، زال هذا الاحتمالُ، وارتفع اللبْس، وتَحقق المخاطبُ أنك أعطيتَ بها هذا المقدارَ من العدد. ولا يلزم هذا فيما زاد على العشرين والثلاثين فما فوقَهما من العُقود كالستّين والسبعين؛ لأن مجرى هذه العقود مجرى جمع السلامة، وإعرابُها كإعرابه، والتركيبُ لا يتطرّق على المثنيات والمجموعات، إنما بابُ ذلك المفرداتُ. فلذلك لم تُركب هذه العقود مع النيف عليها كما رُكبت العشرة مع ما انضم إليها مما هو دونها من الأعداد، مع أنه قَل ما يتباين حكمُ مُثَمنٍ في التقويم حتى يُعطِيَ تارة درهمًا، وتارة عشرين درهمًا. وما زاد على العشرين من العقود كالثلاثين والأربعين، فالتبايُنُ أفحشُ، واللبسُ أبعدُ.
وبُني على حركة؛ لأنّ له أصلًا في التمكن، فعُوّض من تمكنه بأن بُني على حركة تمييزًا له على ما بُني، ولا أصلَ له في التمكن، نحوِ:"مَنْ"، و"كَمْ". وفُتح طلبًا للخفة، إذ ليس الغرضُ في تحريكه إلَّا تمييزَه مما (١) بُني على السكون، وبالفتحة نصل إلى هذا الغرض، فلم يكن بنا حاجةٌ إلى تكلفِ ما هو أثقلُ منها.
* * *
(١) في الطبعتين: "على ما" بدلًا من "مِمّا"، وهذا تحريف.