للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباء زائدة، والمراد: ما لاقت لبونُ بني زيادٍ. ويجوز أن يكون الفاعلُ في النيّة، والمراد: ألا هل أتاها الإنباءُ، فعلى هذا تكون الباء مزيدة مع المفعول.

وأمّا زيادتها مع خبر "لَيْسَ" مؤكدة للنفي، فنحو قولك: "ليس زيدٌ بقائم". وفي التنزيل: {لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} (١)، فالباءُ الأُولى متعلّقة باسم الفاعل، والثانّية التي تصحَب "لَيْسَ".

وأمّا زيادتها في خبرِ "ما" الحجازيّة، فنحو قولك: "ما عمرٌو بخارحٍ". قال الله تعالى: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (٢) {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} (٣)، والمعنى: مخرجين وغائبين، وليست متعلّقة بشيء.

وأمّا زيادتها مع المفعول، وهو الأكثر، فقولُه تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٤)، فالباء فيه زائدة، والمعنى: لا تلقوا أيْدِيَكم. والذي يدلّ على زيادتها هنا قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (٥)، وقال سبحانه: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} (٦). ألا تر ى أن الفعل قد تعدّى بنفسه من غير وَساطة الباء. ومن ذلك {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} (٧)، الباء زائدةٌ لقوله تعالى: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} (٨) من غيرِ باء. ويجوز أن تكون الباء في قوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (٩) زائدة، والمعنى: تنبت الدهنَ، فيكون "الدهنُ" المفعول، والباء على هذا زائدة، ومَن جعلها في موضع الحال، فلا تكون زائدة، لأنها أحدثت معنى، فيكون المفعول محذوفًا، والمعنى تُنْبِت ما تُنبِته أو ثمرةً، ودُهْنُها فيها، فاعرفه.

[فصل [معني اللام]]

قال صاحب الكتاب (١٠): واللام للاختصاص, كقولك: "المال لزيد"، و"السرج للدابة"، و"جاءني أخ له وابن له", وقد تقع مزيدة قال الله تعالى: {ردف لكم} (١١).

* * *

قال الشارح: اعلم أن اللام من الحروف الجارّة لا تكون إلَّا كذلك، وذلك نحو قولك: "المالُ لزيد"، و"الغلامُ لعمرو". وموضعُها في الكلام الإضافة. ولها في الإضافة معنيان: المِلْكِ، والاستحقاق، وإنما قلنا الملك، والاستحقاق؛ لأنها قد تدخل على ما لا يُمْلَك، وما يملك، وذلك نحو قولك: "الدارُ لزيدٍ"، فالمراد أنه يملك الدارَ، وكذلك


(١) الأنعام: ٨٩.
(٢) الحجر: ٤٨.
(٣) الانفطار: ١٦.
(٤) البقرة: ١٩٥.
(٥) النحل: ١٥.
(٦) ق:٧.
(٧) العلق:١٤.
(٨) النور: ٢٥.
(٩) المؤمنون: ٢٠.
(١٠) انظر: الكتاب ٤/ ٢١٧.
(١١) النمل: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>