للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفتح على كل حال. ثم رأيناهم كلهم مجتمِعين على فتح الميم من "هَلُمَّ"، ليس أحدٌ يكسرها, ولا يضمها، فدل ذلك على أنها خرجت عن طريق الفعلية، وأُخلصت اسمّا للفعل، نحوَ: "دُونَكَ"، و" رُوَيْدَكَ"، و"عِنْدَكَ".

وهي تكون على وجهَيْن: متعدّية، وغيرَ متعدية. فالمتعديةُ نحوِ قولهم: "هلمَّ زيدًا"، بمعنَى: "قَربْهُ"، و"أحْضِرْهُ"، فتكون كـ"هَاتِ"، قال الله تعالى: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} (١). وغيرُ المتعدية قولك: "هَلُم يا زيدُ"، بمعنَى: "ايتِ"، و"اقْرُبْ". قال الله تعالى: {هَلُمَ إِلينَا} (٢)، فعدّاه بحرف الجر، فيكون مجراه مجرى الأفعال التي تُستعمل لازمةً ومتعدية، نحوِ: "رَجَعَ"، و"رجعتُه"، و"شَحَا فُوهُ"، وَ"شَحَا فَاهُ"، ونحوِهما.

وحكى الأصمعي: "هلم إلى كذا"، فيقال: "لا أهَلُمُّ إليه"، و"هلمّ كذا"، فيقال: "لا أهَلُمُهُ"، بفتح الألف والهاء وضمّ اللام والميم، والأصلُ في ذلك: "لا ألُم"، كما تقول: "لا أرُد"، كأنّه يرده إلى أصله قبل التركيب، وهو شاذّ.

[فصل [أحكام "ها"]]

قال صاحب الكتاب: "هَا" بمعنَى "خُذْ"، وتُلحَق الكافُ، فيقال: "هَاكَ"، فتُصرَّف مع المخاطب في أحواله، وتوضَع الهمزة موضعَ الكاف، فيقال:"هاءَ". وتُصرَّف تصريفَها، ويُجمَع بينهما، فيقال: "هاءَكَ"، بإقرارِ الهمزة على الفتح وتصريفِ الكاف. ومنهم مَن يقول: "هاءِ"، كـ"رَامِ"، ويُصرّفه تصريفَه. ومنهم مَن يقول: "هَأْ" بوَزْنِ "هَب"، ويصرفه تصريفَه.

* * *

قال الشارح: اعلم أن "هَا" من الأصوات المسمى بها الفعلُ في الأمر، ومسماه "خُذْ"، و"تَناوَلْ"، ونحوُهما.

ومنهم من يجعله ثُنائيَّا مثلَ "صَهْ" و"مَهْ"، وتلحقه كاف الخطاب، فيقال: "هَاكَ يا رجلُ"، و"هاكُمَا يا رجلان"، و"هَاكُمْ يا رجالُ"، و"هَاكِ يا امرأةُ"، و"هاكُمَا يا امرأتان" كالمذكرَيْن، و"هاكُن يا نسوةُ". فالاسم "هَا"، وفيه ضمير بحسبِ المخاطبين: إن كان واحدًا، ففيه ضميرُ واحد، وإن كان اثنين، ففيه ضميرُ اثنين، وإن كان جماعة، ففيه ضميرُ جماعة، إلَّا أنه لا يظهر ذلك الضمير.

والكافُ حرفُ خطاب لا موضعَ لها من الإعراب، وتختلف بحسب اختلاف المخاطبين في التذكير، والتأنيث، والإفراد، والتثنية، والجمع، فتفتحها إذا كانَ المخاطب


(١) الأنعام: ١٥٠.
(٢) الأحزاب: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>