للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (١). أفردَ "أَيًّا" ههنا, لأنّه أحدُ الاسمَيْن المذكورَيْن. ومعناه: أَيَّ الاسمَيْن دعوتم اللَّهَ، فله الأسماءُ الحسنى. ولو قلت: "أيًّا ضربتَ"، أو "بأَيِّ مررتَ"، لم يجز, لأنّه لم يتقدّم ما يُسدّ مسدَّ المضاف إليه.

ولغَلَبةِ الإضافة عليه لمّا جاؤوا بـ "أَيّ" وُصْلةً إلى نداءِ ما فيه الألفُ واللام غيرَ مضافة؛ عوّضوه من الإضافة هاءَ التنبيه بعده قبلَ صفته، نحوَ: "يا أَيُّهَا الناسُ"، و"يا أيّها الرجلُ".

وقوله: "ولاستِيجابه الإضافةَ" يريد لُوجوبها له. فالاستيجابُ مصدرٌ بمعنى الُوجوب، كالاستقرار بمعنى القَرار، وفعلُه اسْتَوْجَبَ، كقولكم: "اسْتَوْهَبَ اسْتِيهَابًا"، و"اسْتَوْعَبَ اسْتِيعَابًا".

وقوله: "توسيط المُقْحَم" يعني بالمقحم هاءَ التنبيه. "بينه"، أي: بين "أَيٍّ"، وصفتِه، فـ "ها" تنبيهٌ، وهي عِوَضٌ من لفظِ الإضافة، ولُزومُ الصفة عوضٌ من معناها، فاعرفه.

[فصل [حكم ما يضاف إليه "كلا"]]

قال صاحب الكتاب: وحق ما يضاف إليه "كلا" أن يكون معرفة ومثنى, أو ما هو في معنى المثنى، كقوله [من الوافر]:

٣٦١ - فإن الله يعلمني ووهبًا ... ويعلم أن سيلقاه كلانا


(١) الإسراء: ١١٠.
٣٦١ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص ٣٩٥.
اللغة: وهب: اسم رجل.
الإعراب: "فإنّ": الفاء: بحسب ما قبلها، و"إنّ": حرف مشبه بالفعل. "الله": لفظ الجلالة، اسم "إن" منصوب بالفتحة الظاهرة. "يعلمني": فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. "ووهبًا": الواو حرف عطف، و"وهبًا": اسم معطوف منصوب. "ويعلم": الواو: حرف عطف، و"يعلم": فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. "أنْ": مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن المحذوف. "سيلقاه": السين: حرف استقبال وتنفيس، و"يلقاه": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، والهاء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. والمصدر المُؤوَّل من "أن سيلقاه سَدَّ مسدّ مفعولي "يعلم" "كلانا": فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، و"نا": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
وجملة "إن الله يعلمني": بحسب الفاء. وجملة "يعلمني": في محل رفع خبر "إن"، وجملة "يعلم": معطوفة عليها. وجملة "سيلقاه كلانا": في محل رفع خبر "أن".
والشاهد فيه قوله: "كلانا" حيث أضاف "كلا" إلى ضمير الجمع "نا"، مع أن "كلا" إنما يضاف إلى
المثنى، فحملت هذه الإضافة على المعنى, لأن الشاعر عني نفسه ووهبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>