للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"جملان", و"كِعتانٌ" و"كُمتٌ"، فجاؤا بالجمع على المكبر, كأنها جمع "جُملٍ", و"كُعْتٍ", و"أكْمَتَ".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ هذه الأسماء أسماءٌ نطقوا بها مصغّرة؛ لأنّها عندهم مستصغَرةٌ، فاكتفوا بلفظ المصغّر عن المكبّر. فمن ذلك قولهم: "جُمَيْلٌ"، وهو طائر صغير شبيهٌ بالعُصْفُور، و"كُعَيْتٌ"، وهو البُلْبُل، وقيل: شبيهٌ بالبلبل، وليس إيّاه. وقد كسّروهما على لفظ المكبّر، فقالوا: "جِمْلانٌ"، و"كِعْتانٌ"، كأنّهم قدّروا المكبّر على "فُعَلٍ"، نحو: "جُمَلٍ"، و"كُعتٍ"، كـ"صُرَدٍ"، و"نُغَرٍ"، ثمّ قالوا: "جِمْلانٌ"، و"كِعْتانٌ"، كـ"صِردانٍ"، و"نِغْرانٍ". وذلك أنّ المصغّر لا يُكسَّر علي بناء الكثرة، كما أنّ ما كُسّر علي بناء الكثرة لا يُصغَّر لما ذكرناه من أنّ بناء التكسير يدلّ على الكثرة، وتصغيرُه يدلّ على القلّة، فبينهما تَنافٍ. وإذا كُسّر، إنّما يكون التكسير للمكبّر، وإن لم يُلفَظ به.

وأمّا "كُمَيْتٌ"، فهو لفظ يقع على المذكّر والمؤئث. وقد ورد مصغّرًا لا يكاد يُنطَق بمكبّره، وهو تصغيرُ الترخيم بحذف الزوائد، كما قالوا في "أَشْقَرَ": "شُقَيْرٌ"، وفي "أَسْوَدَ": "سُوَيْدٌ". والكُمْتَةُ لَوْنٌ يقصُر عن سواد الأدهم، ويزيد على حُمْرة الأشقر، وهو بين الحمرة والسواد. قال سيبويه (١): سألتُ الخليل عن "كُمَيتٍ"، فقال: إنّما صُغّر؛ لأنّه بين السواد والحمرة، كأنّه لم يخلُص له واحدٌ منهما، فهو قريب من كلّ واحد منهما، فصُغّر ليدلّ على ذلك المعنى، فهو كـ"دُوَينَ زيدٍ". وقد جمعوه على "كُمتٍ" في المذكّر والمؤنّث، كما قالوا: "شُقْرٌ" و"سُودٌ" في المذكّر والمؤنّث جاؤوا بالتكسير على المكبّر، كأنّهم جمعوا "أَكْمَتَ"، و"كَمْتاء"، كما قالوا: "جِمْلانٌ"، و"كِعْتانٌ"، فجاؤوا به على المكبّر، وقالوا لِما يجيء في آخِر الخيل: "سُكَّيْتٌ"، و"سُكَيْتٌ" فأمّا "سُكَّيْتٌ"، فهو "فُعَّيْلٌ" كـ"جُمَّيْزٍ"، و"عُلَّيقٍ"، وأمّا "سُكَيْتٌ"، فهو تصغيرٌ على الترخيم. فاعرفه.

فصل [تصغير الأسماء المُرَكَّبة]

قال صاحب الكتاب: والأسماء المركبة يُحقَّر الصدر منها, فيقال: "بُعَيْلَبَك", و"حُضَيرَمَوتُ", و"خميسة عشر".

* * *

قال الشارح: إذا صغّرتَ اسمًا مركبًا من اسمَيْن جُعلا اسمًا واحدًا، فالطريقُ فيه أن تصغّر الصدر، ثمّ تُتْبِعه الثاني، كما تفعل قبل التصغير من التركيب؛ وذلك لأنّ المعامَلة


(١) الكتاب ٣/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>