للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقَيْض: قِشْر البَيْض الأعلى الخالي عن الفَرْخ. والزِّيزاء: الأرض الغليظة المستوية التي لا شجر فيها، واحدتها: زِيزاءَةٌ، وقيل: هي المفازة التي لا أعلام فيها، وهمزتُه للإلحاق بنحو "حِمْلاقٍ"، و"سِرْداح". وهي في الحقيقة منقلبة عن ألفٍ منقلبةٍ عن ياء يدلّ على ذلك ظهورها في "دِرْحايةٍ". لمّا بنيت على التأنيث؛ عادت إلى الأصل، ولغةُ هُذَيْل "زَيْزاء" بفتح الزاء كـ"القَلْقال"، وهمزته على هذا منقبلة عن ياء، ووزنُه "فَعْلالٌ"، والأوّل "فِعْلاءٌ". وقولهم في الجمع: "زَيازٍ" دليل على أن العين ياءٌ. وروى سيبويه (١): "ببَيْداءَ" وهي الأكَمَةُ ذات الحجارة، والجمع: بيدٌ، والمَجْهَل: القَفْر الذي لا علامة فيه، وهي صفة لبَيْداء. ومن روى: زيزاء أضافه إلى المجهل، وقدر حذفَ الموصوف، أي: مكان مجهل. والشاهد فيه قوله: "مِن عَلَيْهِ"، أي: من على الفرخ، فَـ "عَلَى" هنا اسمٌ بمعنى "فَوْقٍ" لدخول "مِنْ" عليه.

والفرقُ بينها إذا كانت اسمًا، وإذا كانت حرفًا، أنها إذا كانت حرفًا، دلّت على معنى في غيرها، وتوصِل الثاني بالأوّل على جهةِ أن معنى الثاني اتّصل بالأول بمُوصِل بينهما من غيرِ أن يكون له معنى في نفسه. وهذا شرطُ حرف الإضافة. وأمّا إذا كانت اسمًا، فإنّها تدلّ على معنًى في نفسها، وهو معنى الظرفيّة، كما يدلّ "فَوْقٌ" على ذلك. وأمّا إذا كانت فعلًا، فهي تدلّ على حدث وزمان معيَّنٍ، وتُصَرَّف، كقولك: "عَلَا، يَعْلُو"، فهذا يدلّ على العُلُوّ في زمنٍ ماضٍ أو غيرِه، وتكثر في بابها. وليست منهما في شيء أكثرَ من الاشتراك اللفظي.

فأمّا التي هي اسمٌ، فمختلَفٌ فيها، فذهب أبو العبّاس وجماعةٌ أنها على الاشتراك اللفظيّ فقط، لأن الحرف لا يُشتقّ، ولا يُشتقّ منه، فكلُّ واحد من الثلاثة مُبايِنٌ لصاحبه، إلَّا من جهة اللفظ. قال قومٌ: إِن الأصل أن تكون حرفًا، وإنما كثُر استعمالُها، فشُبّهت في بعض الأحوال بالاسم، فأُجريت مجراه، وأُدخل عليها حرف الجرّ، كما يُشبَّه الاسم بالحرف، ويجري مجراه من نحو: "كَمْ"، و"كَيْفَ".

[فصل [معاني "عن"]]

قال صاحب الكتاب: و"عن" للبعد والمجاوزة, كقولك: "رمى عن القوس"؛ لأنه يقذف عنها بالسهم, ويبعده، و"أطعمه عن الجوع"، و"كساه عن العري"؛ لأنه يجعل الجوع العري متباعدين عنه, و"جلس عن يمنيه", أي متراخياً عن بدنه في المكان الذي بحيال يمينه, وقال الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} (٢) , وهو اسم في نحو قولهم: "جلست من عن يمينه", أي: من جانبها.

* * *


(١) الكتاب ٤/ ٢٣١.
(٢) النور: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>