للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقاضِي"، بكسر الياء وتنوينها أيضًا؛ فاستُثقلت الضمّة والكسرة على الياء المكسورِ ما قبلها، لأنهّا قد صارت مَدَّةً كالألف، لِسَعَةِ مَخْرَجها وكونِ حركةِ ما قبلها من جنسها، على ما تقدّم، فحُذفت الضمّة والكسرةُ لما تقدّم، ولمّا حُذفت سكنت الياءُ، وكان التنوين بعدها ساكنًا، فحُذفت لالتقاء الساكنين، على ما ذكرناه في المقصور. فلذلك تقول في الرفع: "هذا قاضٍ وفي الجرّ: "مررت بقاضٍ. قال الله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} (١)، وقال: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (٢)؛ وتقول في النصب: "رأيت قاضِيًا"، تُثْبِت الفتحة لخفتها. قال الله تعالى: {إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} (٣)، وقال: {أجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} (٤). فاعرفه.

[فصل [نوعا الاسم المعرب]]

قال صاحب الكتاب: "والاسم المعرب على نوعين؛ نوع يستوفي حركات الأعراب والتنوين, كـ "زيد" و"رجل" ويسمى المنصرف؛ ونوع يختزل عنه الجر والتنوين, لشبه الفعل, ويحرك بالفتح في موضع الجر, كـ "أحمد" و"مروان" إلا إذ أضيف, أو دخله لام التعريف, ويسمى غير المنصرف. واسم المتمكن يجمعهما, وقد يقال للمنصرف, الأمكن".

* * *

قال الشارح: اعلم أن الاسم المعرب على ضربَيْن؛ منصرفٌ، وغيرُ منصرف. فالمنصرف: ما دخلتْه الحركات الثلاث مع التنوين، سواءٌ كان دخولها عليه لفظًا، أو تقديرًا. فاللفظُ نحوُ: "هذا رجلٌ، وفرسٌ، وزيدٌ، وعمرٌو"؛ و"رأيت رجلًا، وفرسًا، وزيدًا، وعمرًا"؛ و"مررت برجلٍ، وفرسٍ، وزيدٍ، وعمرٍو"؛ والتقديرُ نحو قولك: "هذا عما ورحًى"؛ و"رأيت عصًا ورحًى"، و"مررت بعصًا ورحًى". فهذه الأسماءُ كلُّها متمكنةٌ، وما كان مثلها، وإن لم يظهر فيها الإعرابُ؛ لأنّ عدمَ ظهور الإعراب إنّما كان لنُبُوّ حرف الإعراب عن تحمُّل الحركة على ما ذكرنا. والمتمكّن وصفٌ راجع إلى جملة المعرب. وأصلُ الصرف التنوينُ وحده، على ما سنذكر في موضعه، وهذا الضربُ من الأسماء سُمّي المتمكنَ الأمْكَنَ.

فالمتمكنُ أعم من الأمكن؛ فكل أمكنَ متمكن، وليس كلُّ متمكّن أمكنَ. والتمكّنُ: رُسوخُ القَدَم في الاسمية. وقولُنا: اسم متمكنٌ؛ أي: راسخُ القدم في الاسمية. وقولنا: اسمٌ متمكنٌ؛ أي: هو بمكانٍ منها؛ أي: لم يخرج إلى شَبَه الحرف، فيمتنعَ من الإعراب.


(١) طه: ٧٢.
(٢) التوبة: ١٠٩.
(٣) آل عمران: ١٩٣.
(٤) الأحقاف: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>