أو لزيادةِ بيان يُتوقّع، وذلك إذا كان مضافًا إلى آخرَ من الكُنَى، وما جرى مجراها، كقولك في النسب إلى "أبي بكر": "بَكْريّ" وإلى "أبي مُسْلِم": "مُسْلِميّ". وقالوا في النسبة إلى رجل يُعرَف بابن كُراعَ:"كُراعيّ"، وإلى ابن دَعْلَج:"دَعْلَجيّ". وإنّما كان كذلك في "ابن فلانٍ"، و"أبي فلان"؛ لأنّ الكنى كلّها متشابِهةٌ في الاسم المضاف ومختلفةٌ في المضاف إليه، وباختلاف الأسماء المضاف إليها يتميز بعض من بعض، كقولك:"أبو زيد"، و"أبو جعفر"، فلو أضفنا إلى الأوّل، لصارت النسبةُ إليه كلِّه "أبَويّ"، فكان لا يتميّز بعض من بعض، وكذلك لو نسبنا إلى "الابن"، لوقع اللبس، ولم يتميز، فعدلوا إلى الثاني لذلك، والذي ذكره صاحب الكتاب مذهبُ المبرّد، فإنّه كان يقول: ما كان في المضاف يُعرَّف بالثاني، وكان الثاني معروفًا، فالقياسُ إضافته إلى الثاني، نحوُ:"ابن الزُّبَيْر"، و"ابن كُراعَ". وما كان الثاني منه غيرَ معروف؛ فالقياسُ الإضافة إلى الأوّل، مثلُ:"عبد القيس"، و"امرئ القيس"؛ لأنّ "القيس" ليس بشيء معروف أُضيف "عبدٌ" و"امرؤ" إليه. ويرُدّ عليه الكُنَى؛ لأنّ الثاني غيرُ معروف كـ"أبي مُسْلِم"، و"أبي بكر" ألا ترى أنّ "مسلمًا"، و"بكرًا" ليسا اسمَيْن معروفَيْن أُضيف الأوّل إليهما، فإنّه قد يُكْنَّى الصغير المولود، ولم يكن له ولدٌ، فبان أنّ القياس النسبة إلى الأوّل، وإنّما عُدل إلى الثاني للبس، فأمّا قول الشاعر [من الوافر]:
ويذهب بينها ... إلخ
البيت لذي الرُّمّة يهجو امرأ القيس، وليس الشاعرَ، بل آخرَ اسمُه ذلك، فرآه جَرِير بن الخَطَفَى، وهو يُنْشِئ، فقال: هل أُغنّيك ببَيْت أو بيتَيْن، وأنشأ [من الوافر]:
يَعُدُّ الناسِبُون إلى تَمِيم ... بُيُوتَ المَجْدِ أرْبَعَةً كِبارا
ويذهب بينها المَرْئيُّ لَغْوًا ... كما ألْغَيْتَ بالدِّيَةِ الحُوارا
وقد يصوغون من حروف الاسمَيْن ما ينسبون إليه، فقالوا:"عَبْشَميّ" في "عبد شَمْس"، و"عَبْدَريّ" في "عبد الدار"، و"عَبْقَسيّ" في "عبد القيس"، كأنّهم أضافوا إلى "عَبْشَم"، و"عَبْدَر"، و"عَبْقَس" وذلك ليس بقياس، وإنما يُسمَع ما قالوه، ولا يُقاس عليه لقلّته.
[فصل [النسبة إلي الجمع]]
قال صاحب الكتاب: وإذا نسب إلى الجمع, رد إلى الواحد كقولك مسمعي ومهلبي وفرضي وصحفي, وأما الأنصاري والأنباري والأعرابي فلجريها مجرى القبائل كأنماري وضبابي وكلابي، ومنه المعافري والمدائني.