وأمّا "اثنان"، فمحذوفُ اللام كـ"ابنين" ولامه ياء؛ لأنّه من "ثَنَيْتُ" الشيء إذا عطفتَه، وصارت الهمزة في أوّله كالعوض من المحذوف، والمؤنّثُ "اثنتان"، ألحقوا التاء للتأنيث، كما قالوا:"ابنتان"، وإن شئت قلت:"ثِنْتَيْنِ"، كـ"بِنْتَيْنِ".
فإذا عددت نوعًا من الأنواع، فلا بدّ أن تضمّ إلى اسم العدد ما يدل على نوع المعدود ليُفيد المقدار والنوعَ، لكنّهم قالوا في الواحد:"رجلٌ"، و"فرسٌ" ونحوهما فاجتمع فيه معرفةُ النوع والعدد. وكذلك إذا ثنّيت، قلت:"رجلان"، و"فرسان"، فقد اجتمع فيه العدد والنوع؛ لأن التثنية لا تكون إلَّا مع سلامة اللفظ بالواحد، فاستغنوا بدلالته على المراد عن أن يشْفعوه بغيره من أسماء الأجناس. فأمّا إذا قلت:"ثلاثةُ أفراس"؛ لم يجتمع في "ثلاثة" العددُ والنوعُ، فافتقر الحال إلى أن يُضَمّ إليه ما يدلّ على نوع المعدود، ويكون تفسيرًا له. وذلك على ضربَيْن: منه ما يُفسَّر بالنكرة المنصوبة، نحو:"أحدَ عَشَرَ درهمًا، وعشْرون دينارًا"، وقد تقدّم شرحُه في باب التمييز. ومنه ما يُفسَّر بالإضافة، وهو ما كان فيه تنوينٌ, لأنّ التنوين، لمّا كان ضعيفًا لسكونه، جاز أن يُعاقِبه المضافُ إليه، وذلك من الثلاثة إلى العشرة، نحو:"ثلاثة أثْوابٍ"، و"أربعةُ غِلْمانٍ"، و"خمسةُ أرْغِفَةٍ"، ومن ذلك "مائةُ درهمٍ"، و"ألفُ دينارٍ". وكان قياسُ الواحد والاثنين أن يضاف كلّ واحد منهما إلى ما بعده من الأنواع المعدودة، فيقال:"واحدُ رجالٍ"، و"اثنا رجالٍ"، لكن لمّا أمكن أن يُذكَر النوع باسمه، فيجتمع فيه الأمران، وكان التثنية كالواحد، إذ كانت لضرب واحد؛ أمكن فيها ذلك أيضًا فقيل فيها:"رجلان" و"غُلامان"، ولم يَسُغ ذلك في الجمع, لأنّه غيرُ محصور، ولا موقوف على عدّة معينة، فلو أراد مُريدٌ في التثنية ما يريده في الجمع، لجاز ذلك في الشعر, لأنه كان الأصل, لأنّ التثنية جمعٌ من حيث هو ضمُّ شيء إلى شيء مثله. قال الشاعر [من الرجز]:
كأنّ خُصْيَيْه من التَّدَلْدُل ... ظَرْفُ عَجُوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظَلِ (١)
فجاء به على أصل القياس ضرورةَ، وكان قياسُ ما عليه الاستعمالُ:"حَنْظَلَتانِ"، فاعرفه.
[فصل [حكم العدد من الواحد إلي العشرة في التذكير والتأنيث]]
قال صاحب الكتاب: وقد سُلك سبيل قياس التذكير والتأنيث في الواحد والاثنين, فقيل: واحدة, واثنتان, وخولف عنه في الثلاثة إلى العشرة, فأُلحقت التاء بالمذكّر, وطُرحت عن المؤنث، فقيل ثمانية رجال وثماني نسوة وعشرة رجال وعشر نسوة.