للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك مع الهاء لِما ذكرناه من خفائها. قال أبو عليّ: وهذا يدلّ على أنّ قول من قال:"عليهِ مالٌ"؛ أوجهُ من قوله من قال: "عليهِي مالٌ" لأنّ الهاء خفيّةٌ كالساقط، فكأنّك جمعتَ بين ساكنين، وهما الياءان.

فأمّا إذا لقيه ساكنٌ بعده، نحو: "رُدّ الرجلَ"، و"فلِّ الجَيْشَ"، فالكسرُ دون الوجهَين الآخرَين؛ لأنّه لمّا كان الكسر جائزًا لالتقاء الساكنين في الكلمة الواحدة، ثمّ عرض التقاؤُهما من كلمتَيْن، قوي سببُ الكسر، وصار الجائز واجبًا لقوّة سببه. قال جرير [من الوافر].

فَغض الطَّرْفَ إنّك من نُمَيرٍ ... فلا كَعْبًا بَلَغْتَ ولا كِلابا

ومنهم من يفتحه مع الألف واللام، قال أبو عليّ: كأنّه ردّه إلى الأصل، كأنّه قال: "غُضَّ" ثمّ ألحقه الألفَ واللامَ، قال جرير [من الكامل]:

ذُمَّ المَنازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوى ... والعَيْشَ بعدَ أولئك الأيّامِ (١)

الشاهد فيه الفتح مع الألف واللام، والمعنى أنّه يتأسف على منزله باللوى وأيّام مضتْ له فيه، وأنّه لم يَهْنِئْه بعد تلك الأيّام عيشٌ، ولا راقَ له منزلٌ.

وقوله: وأمّا "هَلُمَّ" فليس فيها إلّا وجهٌ واحدٌ، وهو الفتح، وذلك قول الجميع لأنّها مركّبة من "ها"، و"لُمَّ"، وسُمّي بها الفعل، فمُنعت من صرف الأفعال، فلذلك لم يجز فيها ما جاز في غيرها من الأفعال، فاعرفه.

فصل [لغة في التخلّص من التقاء الساكنين]

قال صاحب الكتاب: ولقد جد في الهرب من التقاء الساكنين من قال "دأبة", و"شأبةٌ"، ومن قرأ: {ولا الضألين} (٢) , {ولا جأنٌ} (٣). وهي عن عمرو بن عبيد, ومن لغته النقر في الوقف علي "النقر".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ من العرب من يكره اجتماعَ الساكنين على كلّ حال، وإن كانا على الشرط الذي يجوز فيه الجمعُ بين ساكنين من نحو"دابَّةٍ"، و"شابَّةٍ"، فيُحرِّك الألف


(١) تقدم بالرقم ٤٧٢.
(٢) الفاتحة: ٧. وهذه قراءة أيوب السختياني.
انظر: البحر المحيط ١/ ٣٠؛ وتفسير القرطبي ١/ ١٥١؛ والكشاف ١/ ١٢؛ ومعجم القراءات القرآنية١/ ١٤
(٣) الرحمن: ٣٩، ٥٦، ٧٤. وهذه قراءة الحسن وعمرو بن عبيد.
انظر: البحر المحيط ٨/ ١٩٥؛ وتفسير القرطبي ١٧/ ١٨١؛ ومعجم القراءات القرآنية ٧/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>