صفة، لم ينصرف كما لا ينصرف "أوْحَدُ". و"واحدٌ" مثله في باب العدد.
وهذا الضرب لا يثنّى، ولا يجمع من لفظه، فإذا أردت التثنية قلت:"اثنان"، وإذا أردت الجمع، قلت:"ثلاثة، أربعة"، فتصوغ للتثنية والجمع لفظًا من غير لفظ الواحد.
وكما لم تُثنِّه من لفظه، كذلك لا تؤنّثه من لفظه, لأنه لو أُنّث من لفظه؛ لزم أن يُقال:"واحدةٌ"، فيخرج إلى مُشابَهة الصفات الجارية على أفعالها، و"واحدٌ" ليس بصفة، فكُره فيه ما يكون في الصفات. فلمّا امتنع منه هذا الضربُ من التأنيث، واحتيج إلى علامة فاصلة بين المذكّر والمؤنّث إذ كان اسمًا، قد يقع على المؤنّث كما يقع على المذكّر؛ عُدل إلى لفظ آخر بمعناه. ولمّا كان "أحدٌ" بمعنَى "واحد" في العدد، وكان اسمًا غير صفة كما أنّ "واحدًا" كذلك، وأرُيد إثباتُ العلامة؛ لم تكن بالتاء، كراهيةَ أن تكون على حد الصفة، نحو:"حسن"، و"حسنة"، كما كُره ذلك في "فاعِلٍ"؛ لأن الصفة في الموضعين واحدةٌ، فعُدل عن العلامة التي هي التاء إلى غيرها، فلم يجز مع العدول عن هذه العلامة إلَّا تغييرُ البناء؛ لأنّ العلامة التي غير التاء تُغيِّر البناءَ، وتصاغ معه على غير لفظ المذكّر، فلفا أُنّث بالألف؛ قُلب عن "فَعَلٍ" إلى "فِعْلَى"؛ فقالوا:"إحْدَى" في المؤنّث، و"أَحَدٌ" في المذكّر، فاستُغنى بتأنيث "أحد" عن تأنيثِ "واحد"؛ لأنّه في معناه.
فإن قيل: ولِمَ لم يستعمل "أحد" ولا "إحدى" إلَّا نيّفًا معه شيءٌ؟ فالجواب: أمّا "إِحدى" فلا يستعمل إلَّا إذا ضُمّ إلى غيره، وجُعل معه اسمًا واحدًا، أو استُعمل فيما جاوز ذلك، فأمّا في باب الآحاد وأوائل الأعداد، فلا؛ لأنّه ليس إلى تأنيث الواحد وتذكيره كثيرُ حاجة، لأنّه لا يُضاف إلى المعدود كما يُضاف سائر الأعداد, لأنّ لفظ المعدود يُغْنِي عن ذلك، فدلالتُه على العدة والنوع جميعًا، وأمّا "أحدٌ" فهو، وإن كان بمعنَى "واحدٍ"، فله نحوٌ ليس لِـ"واحد" من الإبهام، وعدم التعيين، ألا ترى أنك إذا قلت:"جاءني أحدهما، أو أحدهم" إنّما المراد: واحدٌ من هذه العدّة غيرُ متعيِّن؟ وإذا كانت موضوعة على أن تكون مضافة ومعها غيرُها، ألزموها في العدد إذا وقعت موقعَ "واحد" أن تكون نيّفًا، نحوَ:"أحد عشر"، و"احدٌ وعشرون"؛ ليكون ما بعدها بمنزلة المضاف إليه، ولا تخرجَ عن منهاج استعمالها وموضوعِها، فاعرفه.
[فصل [تعريف الأعداد]]
قال صاحب الكتاب: وتقول في تعريف الأعداد ثلاثة الأثواب، وعشرة الغلمة، وأربع الأدؤُر وعشر الجواري، والأحد عشر درهماً، والتسعة عشر ديناراً، والإحدى عشرة والأحد والعشرون ومائة الدرهم، ومائتا الدينار،