للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثمائة الدارهم، وألف الرجل. وروى الكسائي الخمسة الأثواب. وعن أبي يزيد أن قوماً من العرب يقولونه غير فصحاء.

* * *

قال الشارح: لا يخلو العدد من أن يكون مضافًا أو مركّبًا أو مفردًا، فإذا أُريد تعريفه؛ فإن كان مضافًا، نحوَ: "ثلاثةُ أثوابٍ"، و"عَشرةُ غِلْمَةٍ"؛ فالطريقُ فيه أن تعرّف المضاف إليه بأن تُدْخِل فيه الألف واللام، ثمّ تضيف إليه العدد، فيتعرّف بالإضافة على قياس: "غلام الرجل"، و"باب الدار"، فتقول: "ثلاثة الأثواب"، و"أربعة الغلمة"، و"عشرُ الجَواري"؛ لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه التعريفَ والتخصيصَ، كما يكتسي منه الجزاءَ والاستفهامَ، نحوَ قولك: "غلامَ مَنْ تَضْرِبْ أضْرِبْ"، و"غلامُ مَنْ أنْتَ". قال الشاعر [من الطويل]:

أمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ سَلامٌ عَلَيْكُمَا ... هَلِ الأزْمُنُ اللاتي مَضَيْنَ رَواجِعُ

وهل يَرْجِعُ التسليمَ أو يَكْشِفُ العَمَى ... ثلاثُ الأثافِي والرُّسومُ البَلاقِعُ (١)

وقال الفرزدق [من الكامل]:

ما زالَ مُذْ عَقَدَتْ يَداهُ إزارَهُ ... يَسْمُو فأدْرَكَ خمسةَ الأشْبارِ (٢)

لمّا أراد التعريف، عرّف الثاني بالألف واللام، ثمّ أضاف إليه، فتَعرّف المضاف. قال أبو العبّاس المبرّد: هذا الذي لا يجوز غيرُه، وقد تقدّم الكلام عليه، وعلى الخلاف فيه بحُجَجه وعِلَله، في فصل الإضافة بما أغنى عن إعادة.

وأمّا المركّب فهو من "أحدَ عشرَ" إلى "تسعةَ عشرَ"، ففيه ثلاثة مذاهب:

أحدُها: مذهب أكثر البصريين: أن تُدخِل الألف واللام على الاسم الأوّل منها، فتقول: "عندي الأحدَ عشرَ درهمًا، والثلاثةَ عشرَ غلامًا"؛ لأنّهما قد جعلا بالتركيب كالشيء الواحد، فكان تعريفُهما بإدخال اللام في أولهما.

الثاني: وهو مذهب الكوفيين (٣) والأخفش من البصريين، تعريف الاسمَيْن الأوّلَيْن، نحوُ: "عندي الأحدَ العشرَ درهمًا"؛ لأنّهما في الحقيقة اسمان، والعطف مرادٌ فيهما، ولذلك وجب بناؤهما. ولو صرّحت بالعطف، لم يكن بدٌّ من تعريفهما، فكذلك إذا كان مضمَّنًا معنى العطف.

الثالث: مذهبُ قوم من الكُتاب أنّهم يُدْخِلون الألف واللام على الأسماء الثلاثة.


(١) تقدم البيت الأول بالرقم ٧١٥؛ والبيت الثاني بالرقم ٣٤٧.
(٢) تقدم بالرقم ٣٤٦.
(٣) انظر المسألة الثالثة والأربعين في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص ٣١٢ - ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>