فأمّا الكاف التي بين الجيم والكاف، فقال ابن دُرَيْد: هي لغةٌ في اليمن، يقولون في "جَمَلٍ": "كَمَل"، وفي "رَجُلٍ": "رَكُل". وهي في عَوامِّ أهل بغداد فاشيةٌ شبيهةٌ باللُّثْغة.
والجيم التي كالكاف كذلك، وهما جميعًا شيءٌ واحدٌ، إلَّا أنّ أصل إحداهما الجيم، وأصل الأخرى الكاف، ثمّ يقلبونهما إلى هذا الحرف الذي بينهما.
وأمّا الجيم التي كالشين، فهي تكثر في الجيم الساكنة إذا كان بعدها دالٌ أو تاء, نحو قولهم في "اجتمعوا"، و"الأجدر": "اشتمعوا"، و"الأشدر"، فتقرب الجيم من الشين, لأنّهما من مخرج واحد، إلَّا أنّ الشين أبينُ وأفشى، فإن قيل: فما الفرق بين الشين التي كالجيم حتى جُعلت في الحروف المستحسنة، وبين الجيم التي كالشين حتى جُعلت في الحروف المستهجنة؟ قيل: إِنّ الأوّل كُره فيه الجمعُ بين الشين والدال لِما بينهما من التباين الذي ذكرناه؛ وأمّا إذا كانت الجيم مقدّمة كـ"الأجدر"، و"اجتمعوا"، فليس بين الجيم والدال من التنافي والتباعد ما بين الشين والدال؛ فلذلك حسُن الأوّل وضعُف الثاني.
وأمّا الطاء التي كالتاء، فإِنَّها تُسْمَع من عَجَم أهل العراق كثيرًا، نحو قولهم في "طالب": "تالب"؛ لأنّ الطاء ليست من لغتهم، فإذا احتاجوا إلى النطق بشيء من العربيّة فيه طاءٌ، تكلّفوا ما ليس في لغتهم، فضعفُ لفظُهم بها.
والضاد الضعيفة من لغةِ قوم اعتاصت عليهم، فرُبما أخرجوها طاء، وذلك أنّهم يُخْرِجونها من طرف اللسان وأطرافِ الثنايا، وربّما راموا إخراجَها من مخرجها، فلم يَتَأَتَّ لهم، فخرجت بين الضاد والظاء.
ومثال الصاد كالسين قولهم في "صِبْغ": "سبغ"، وليس في حسنِ إبدالِ الصاد من السين, لأنّ الصاد أمضى في السمع من السين، وأصفرُ في الفم.
ومثالُ الظاء كالثاء قولهم في "ظلم": "ثلم".
ومثال الباء كالفاء قولهم في "بورٍ""فورٌ"، وهي كثيرة في لغة الفُرْس. وكأنّ الذين تكلّموا بهذه الحروف المسترذَلة قومٌ من العرب خالطوا العجمَ، فتكلّموا بلغاتهم، فاعرفه.
[فصل [أقسام الحروف وصفاتها]]
قال صاحب الكتاب: وتنقسم إلى المجهورة والمهموسة، والشديدة والرخوة، وما بين الشديدة والرخوة، والمطبقة، والمنفتحة، والمستعلية والمنخفضة، وحروف القلقة، وحروف الصفير، وحروف الذَّلاقة، والمصمتة، واللينة، وإلى المنحرف، والمكرَّر، والهاوي، والمهتوت.