للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصوب بالمستعمَلِ إظهارُه

[فصل [تعريفه]]

قال صاحب الكتاب: "هو قولك لِمَن أخذ يضرب القومَ، أو قال: "أضْرِبُ شرَّ الناس": "زيدًا"، بإضمارِ "اضْرِبْ ولِمَن قطع حديثَه: "حديثَك ولمن صدرتْ عنه أفاعِيلُ البُخَلاء: "أكُلَّ هذا بُخْلاً"، بإضمارِ "هاتِ" و"تَفْعَلُ"".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم قولنا إنّ قرائنَ الأحوال قد تغْنِي عن اللفظ، وذلك أن المراد من اللفظ الدلالةُ على المعنى، فإذا ظهر المعنى بقرينةٍ حاليّةٍ، أو غيرها، لم يُحْتَج إلى اللفظ المطابِق، فإن أُتي باللفظ المطابق، جاز، وكان كالتأكيد، وإن لم يُؤْتَ به فللاستغناء عنه، فلذلك يجوز حذفُ العامل.

وهو في ذلك على ثلاثة أضربٍ: ضربٌ لا يجوز حذفُ العامل، وضربٌ يجوز حذفُه وإثباتُه، وضربٌ يُحْذَف، ولا يجوز إثباتُه.

فالأوّل: أن تقول: "زَيْدًا" مَثَلاً، وتريد: اضْرِبْ زيدًا، وليس ثمَّ قرينةٌ تدلّ عليه. فهذا لا يجوز، لاحتمالِ أن يكون المرادُ: اضربْ زيدًا، أو أَكْرِمْ زيداً، أو اشْتِمْ زيدًا، أو غيرَ ذلك، ممّا لا يُحْصَى، فهذا يكون إلباسّا، فلذلك لا يجوز مثلُه.

والضرب الثاني: وهو ما يجوز استعمالُه وحذفُه وأنتَ مخيَّرٌ فيه، فهو أن ترى رجلاً يضرب، أو يشتم، فتقول: "زيداً"، تريد: اضربْ زيدًا، ويجوز إظهارُه فتقول: "اضربْ زيداً"، وقال: "أضربُ شرَّ الناس"، فقال بعضُ السامعين: "زيدًا"، أي: اضربْ زيدًا، فإنّه شرُّ الناس.

وكذلك إذا كان رجلٌ في حديثٍ، ثمّ حَضَرَ مَن قطع الحديثَ من أجلِه، فتقول: "حديثَك"، معناه: هاتِ حديثَك، أو أَتِمّ حديثَك.

وكذلك إذا صدرت من إنسانٍ أفاعيلُ البُخَلاء مثلَ أن يُطْلَب منه ما جَرَتِ العادةُ أن لا يَرِد من مثله، أو يُخْبَرَ عنه بمثلِ ذلك، فتقول: "أكُلَّ هذا بُخْلاً"، معناه: أتفعلُ كل هذا بُخْلاً. وهذه الأشياءُ كلُّها منصوبةٌ بالعامل المحذوف للدلالة عليه، ولو ظَهَرَ لَجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>