للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّه حملها للضرورة على "غَيْرٍ"، ومعناها المكانُ، فاعرفه.

فصل [مجيء الظرف مصدرًا]

قال صاحب الكتاب: "وقد يجعل المصدر حيناً لسعة الكلام, فيقال: "كان ذلك مقدم الحاج، وخفوق النجم، وخلافة فلان، وصلاة العصر", ومنه "سير عليه ترويحتين"، و"انتظر به نحر جزورين وقوله تعالى: {وإدبار النجوم} (١).

* * *

قال الشارح: اعلم أنّهم قد جعلوا المصادر أحيانًا أوقاتًا توسُّعًا، وذلك نحو: "خُفوقَ النجم"، بمعنى مَغِيبه، و"خلافةَ فلان"، و"صلاة العصر". فالخلافةُ، والصلاةُ مصدران في الحقيقة، جُعلا حينًا توسُّعًا وإيجازًا. فالتوسُّعُ بجَعْلِ المصدر حينًا، وليس من أسماء الزمان، والإيجازُ الاختصارُ بحذفِ المضاف، إذ التقدير في قولك: "فعلتُه خُفوقَ النجم، وصلاة العصر": وقتَ خفوق النجم، ووقتَ صلاة العصر، فحُذف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مُقامَه، واختصّ هذا التوسّعُ بالأحداث، لأنّها منقضِيةٌ كالأزمنة، وليست ثابتةً كالأعيان. فجاز جعلُ وُجودها وانقضائها أوقاتًا للأفعال، وظروفًا لها كأسماء الزمان. قال سيبويه (٢): وليس ذلك بأبْعَدَ من قولهم: "وُلد له سِتّون عامًا". يعني أنّ حذفَ الوقت من "مقدم الحاجّ" و"خفوق النجم وإقامةَ المضاف إليه مقامَه ليس بأبعد من قولهم: "وُلد له سِتّون عامًا إذ التقديرُ: وُلد له الأوْلادُ في ستّين عامًا، فحُذفت "الأولاد"، و"في"، فالمحذوفُ شيئان. والمحذوفُ في قولك: "خفوق النجم" شيءٌ واحدٌ، وهو زمانٌ أو وَقْتٌ، إلّا أنّ الصيغة تقتضي في "وُلد له ستّون عامًا" أن يكون التقدير: وُلد له أولادُ ستّين عامًا، ثمّ حُذف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مقامه، وجُعل "الأولاد" للأَعْوام مجازًا، إذ كانت فيها، كما يقال: "لَيْلٌ نائمٌ، ونهارٌ صائمٌ" لأنّ النَّوْمَ في الليل، والصَّوْم في النهار.

ومن ذلك: "سِيَر عليه تَرْوِيحتَيْن"، و"انْتُظر به نَحْرَ جَزُورَيْن"، يريد زَمَنَ


= لها. "قصدت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث، والفاعل: ضمير مستتر تقديره "هي". "من أهلها": جار ومجرور متعلقان بـ "قصدت"، و"ها": ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "لسوائكا": جار ومجرور متعلّقان بـ "قصدت"، والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة، والألف للإطلاق.
وجملة "تجانف": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ما قصدت": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "لسوائكا": حيث جاء بـ "سواء" مجرورة بحرف الجر "اللام"، مما يدلّ على أنها تستعمل ظرفًا وغير ظرف.
(١) الطور: ٤٩.
(٢) الكتاب ١/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>