للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتدخل أيضًا في فعل الأمر، وذلك من كل فعل فُتح فيه حرفُ المضارعة، وسكن ما بعده، نحو: "يَضْرِب"، و"يَقْتُلُ"، و"يَنْطَلِقُ"، و"يَعْتَذِرُ"، فإذا أمرتَ قلت: "اضْرِبْ"، "اقْتُلْ"، "انْطَلِقْ". وكان يجب أن يحرّك الأوّل من المستقبل كما حُرّك في الماضي، فيقالَ: "ذَهَبَ يَذَهَبُ"، و"قَتَلَ يَقَتُلُ"، و"ضَرَبَ يَضَرِبُ"، فيجتمع أربعٌ متحرّكاتٌ، فاستثقلوا توالِيَ الحركات، فلم يكن سبيلٌ إلى تسكين الأوّل الذي هو حرفُ المضارعة؛ لأنّه لا يُبتدأ بساكن، ولا إلى تسكين الثالث الذي هو عين الفعل؛ لأنّه بحركته يُعْرَف اختلافُ الأبنية، ولا إلى تسكين لامه؛ لأنّه محل الإعراب من الرفع والنصب، فأسكنوا الثاني، إذ لا مانعَ من ذلك، فقالوا: "يَذْهَبُ"، و"يَقْتُلُ". فإذا أرادوا الأمر، حذفوا حرف المضارعة، فبقى فاء الفعل ساكنًا, فاحتاجوا إلى همزهْ الوصل، فقالوا: "اذهَبْ"، و"اقتُلْ" على ما تقدّم.

وأمّا دخولها في الحرف، فمعَ لام التعريف في نحو: "الرّجل"، و"الغلام". وإنّما أتوا بهمزة الوصل مع هذه اللام؛ لأنها حرف ساكنٌ يقع أوّلاً، والساكنُ لا يمكن الابتداءُ به، فتَوصّلوا إلى ذلك بالهمزة قبلها. وإنّما كانت ساكنة لقوّة العناية بمعنى التعريف. وذلك أنّهم جعلوه على حرف واحد ساكن ليضعف عن انفصاله ممّا بعده، ويقوي اتّصالُه بالمعرَّف، فيكون ذلك أبلغَ في إفادة التعريف للزوم أداته.

وكذلك الميم المبدلة منه في لغة طيّئ، نحو قوله -عليه السلام -: "ليس مِنَ امْبِرِّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ"، وقد تقدّم الكلام عليه.

وقوله: "وهذه الأوائل ساكنة كما ترى يلفظ بها كما هي في حال الدرج"، يريد أنّ أول (١) جميع ما ذكرناه من الأسماء والأفعال ممّا هو ساكنٌ يبقى ساكنًا على حاله في الدرج؛ لأنّ الكلام الذي قبله تصله إلى الساكن. فأمّا إذا ابتدأتَ، فلا بدّ من همزة الوصل؛ لتعذّر الابتداء بالساكن. وقوله: "لأنّه ليس من لغتهم الابتداء بالساكن"، ربّما فهم منه أنّ ذلك ممّا يختصّ بلغة العرب، ويجوز الابتداء بالساكن في غير لغة العرب، وليس الأمر كذلك، بل إنّما كان ذلك لتعذر النطق بالساكن، وليس ذلك مختصًّا بلغة دون لغة فاعرفه.

[فصل [حركة همزة الوصل]]

قال صاحب الكتاب: وتسمى هذه الهمزات همزات الوصل، وحكمها أن تكون مكسورة، وإنما ضمت في بعض الأوامر، وفيما بني من الأفعال الواقعة بعد ألفاتها أربعة أحرف فصاعداً للمفعول للإتباع، وفتحت في الحرفين, وكلمتي القسم للتخفيف.

* * *


(١) في الطبعتين: "أوئل", والتصحيح عن ذيل التصحيحات في طبعة ليبزغ. ص١٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>