للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحَدّاد. و"معَالِيق": جمع "مِعْلاقٍ"، وهو كالكَلُّوب، فهذا أيضًا ونحوه مِمّا لا يُمال وإن كان بينهما حرفان، كما لم يمتنع السين من الصاد في "صَوِيقٍ"، و"صِراطٍ". وقد أمال هذا النحو قومٌ من العرب، فقالوا: "مناشيط"؛ لتراخي هذه الحروف عن الألف، وهو قليل، والكثيرُ النصب.

[عدم منع هذه الأحرف الإمالة إذا وقعت مكسورةً قبل الألف بحرف]

قال صاحب الكتاب: وإن وقعت قبل الألف بحرف وهي مكسورة أو ساكنة بعد مكسور لم تمنع عند الأكثر نحو صعاب ومصباح وضعاف ومضحاك وطلاب ومطعام وظماء وإظلام وغلاب ومغناج وخباث وإخبات وقفاف ومقلات (١).

* * *

قال الشارح: قد ذكرنا أنّ هذه الحروف من موانع الإمالة؛ لأنّ الصوت يَستعلي عند النُّطْق بها إلى أعلى الحنك، والإمالةُ تسفّلٌ، وكان بينهما تنافٍ. وهي، مع ذلك، إذا كانت بعد الألف، كانت أدعى لمَنْع الإمالة منها إذا كانت قبله؛ لأنّها إذا كانت بعد الألف، كنتَ متصعّدًا بالمستعلي بعد الانحدار بالإمالة. وإذا كانت قبله، كنت منحدرًا بعد التصعّد بالحرف. والانحدارُ أخفُّ عليهم من التصعّد. وقد شبّهه سيبويه (٢) بقولهم: "صبقتُ" في "سبقتُ"، و"صُقْتُ" في "سُقْتُ"، و"صَوِيق" في "سويق". ولم يقولوا في "قَسْوَرٍ"، و"قِسْتُ": "قَصْوَرٌ"، و"قِصْتُ"؛ لأنّ المستعلي إذا تقدّم كان أخفّ عليهم؛ لأنّك تكون كالمنحدر من عالٍ. وإذا تأخّر كنتَ مُصْعِدًا بالمستعلي بعد التسفّل بالسين، وهو أشقُّ.

فإذا وقعت قبل الألف بحرف، وكانت مكسورة، فإنّها لا تمنع الإمالة، نحو: "صِعابٍ"، و"ضِعافٍ". وكانت الإمالةُ فيها حسنة؛ لأنّ الكسرة أدنى إلى المستعلي من الألف، والكسرةُ تُوهي استعلاء المستعلي، والنصبُ جيد، والإمالةُ أجود. فلو كان المستعلي بعد الكسرة، لم تجز الإمالةُ, لأنّ المستعلي أقربُ إلى الألف، وهو مفتوح. وذلك قولك: "حِقابٌ"، و"رِصاصٌ"، فيمن كسر الراء.

وكذلك لو كانت ساكنةً بعد مكسور، لم تمنع عند الأكثر، نحو: "مِصْباح"، و"مِطْعام"؛ لأنّ المستعلي هنا لا يُعتدّ به، لسكونه، فهو كالمَيّت الذي لا يُعتّد به، فصار من جملة المكسور المتقّدمِ عليه؛ لأنّ محلّ الحركة بعد الحرف على الصحيح من


(١) أي: بإمالة الألف في هذه الكلمات.
(٢) الكتاب ٤/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>