أثاره، أي: العيرَ، و"طلبَ" منصوب على المصدر بما دلّ عليه المعنى، أي: طَلَبَ الماء طَلَبًا مثلَ طلب المعقّب حقّه المظلوم، ثمّ حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. والمعقِّب: المَمطول بدَينه، قيل له ذلك لأنه يتبع عَقِبَ المَدِين، و"المظلوم": نعتٌ له على المعنى. ولو خفض، لكان أجود، لو ساعدتِ القافيةُ.
فصل [عمل المصدر ماضيًا ومستقبلًا]
قال صاحب الكتاب: ويعمل ماضياً كان أو مستقبلاً. تقول "أعجبني ضربٌ زيدًا أمسِ"، و"أُريد إكرام عمرو أخاه غداً".
* * *
قال الشارح: يشير بذلك إلى الفرق بين اسم الفاعل والمصدر في العمل، وذلك لأن اسم الفاعل لا يعمل إلَّا إذا كان للحال أو الاستقبال، نحو قولك:"هذا ضاربٌ زيدًا غدًا، ومُكرِم عمرًا الساعة". ولا يعمل بمعنى المضيّ، بل يكون مضافًا إلى ما بعده، نحو:"هذا ضاربُ زيدٍ أمسِ". وسيأتي الكلام عليه مستوفى. وأمّا المصدر فإنّه يعمل على كل حال، سواءَ كان ماضيًا، أو حاضرًا، أو مستقبلًا. والعلّة في ذلك أن اسم الفاعل إنّما عمل لجَرَيانه على الفعل المضارع في حركاته وسَكَناته وعددِ حروفه على ما سيوضَح؛ فأمّا إذا كان بمعنى الماضي، فإنّه لا مشابهةَ بينه وبين الفعل الماضي، ألا ترى أن "ضَرَبَ" ثلاثةُ أحرف كلُّها متحركة، و"ضارِبٌ" أربعةُ أحرف، الثاني منها ساكنٌ، فلذلك لم يعمل إذا كان بمعنى الماضي. وأمّا المصدر، فإنّه لم يكن عملُه لِما ذكرناه في اسم الفاعل، وإنّما كان عمله لما فيه من حروف الفعل، وتقديره بـ"أن" وما بعده من الفعل، وهذا المعنى موجود في كل الأزمنة، فالمقتضى لعمل المصدر موجودٌ، سواءَ كان بمعنى الماضي، أو الحال، أو الاستقبال، وليس اسم الفاعل كذلك، فاعرف الفرق بينهما إن شاء الله تعالى.
فصل [عدم تقدّم معمول المصدر عليه]
قال صاحب الكتاب: ولا يتقدم عليه معموله, فلا يقال زيداً ضربُك خيرٌ له، كما لا يقال زيداً أن تضرب خيرٌ له.
* * *
قال الشارح: قد تقدّم القول: إن المصدر موصول، ومعموله من صلته من حيث كان المصدر مقدّرًا بـ"أن" والفعلِ، و"أنْ" موصولةٌ كـ"الذِي"، فلذلك لا يتقدّم عليه ما كان من صلته, لأنّه من تمامه، بمنزلة الياء والدال من "زيد"، بخلاف اسم الفاعل، فإنّه