للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفعل، فإذا وقع فيه اسمٌ أو ما هو في حكم الاسم؛ كان على إضمار فعل وتقديرِه. وكان السيرافيّ يقول: لا حاجة هنا إلى تقدير فعل، ويجعلها مبتدأ، وقد نابت عن الفعل، إذ كان خبرها فعلًا، وأجاز: "لو أنّ زيدًا جاءني"، ومنع "لو أنّ زيدًا جاءٍ".

وكذلك إذا وقعت بعد "ظننتُ" تكون مفتوحة؛ لأنها في موضع المفعول، فسيبويه يقول (١): إنّ "أنَّ" واسمها وخبرها سدّت مسدَّ مفعولَيْ "ظننتُ". والأخفش يقول: إنَّ "أنَّ" وما بعدها في موضع المفعول الأوّل، والمفعولُ الثاني محذوفٌ، فإذا قلت: "ظننتُ أنك قائمٌ"، فالتقديرُ: ظننتُ انطلاقَك كائنًا أو حاضرًا.

فصل [مواضع جواز فتح همزة "إنّ" وكسرها]

قال صاحب الكتاب: ومن المواضع ما يحتمل المفرد والجملة فيجوز فيه إيقاع أيتهما شئت نحو قولك "أول ما أقول أني أحمد الله". إن جعلتها خبراً للمبتدأ, فتحت، كأنك قلت: "أول مقولي حمد الله", وإن قدرت الخبر محذوفاً كسرت حاكياً ومنه قوله [من الطويل]:

وكنت أرى زيداً كما قيل سيداً ... إذا إنه عبد القفا واللهازم (٢)

تكسر لتوفر على ما بعد "إذا" ما يقتضيه من الجملة، وتفتح على تأويل حذف الخبر، أي فإذا العبودية حاصلة و"حاصلة" محذوفة.

* * *

قال الشارح: قد تقدّم القول: إنَّ كلّ موضع يتعاقب فيه الاسم والفعل تكون "إنَّ" فيه مكسورة، وكلّ موضع يختصّ بأحدهما تكون مفتوحة، فإذا ساغ في موضع المكسورةُ والمفتوحةُ، كان ذلك على تأويلَيْن مختلفَين.

فمن ذلك قولك: "أوَّلُ ما أقولُ: أإنِّى أحمدُ اللهَ"، إنَّ شئت فتحتَ ألفَ "أنّي" وإن شئت كسرتَ. فإن فتحتَ؛ كان الكلّام تامًا غير مفتقر إلى تقديرِ محذوفِ، فالكلّام مبتدأٌ وخبرٌ، فالمبتدأ "أوّل" وما بعده إلى "أقول" من تمامه. وهو حَدَثٌ؛ لأن "أفْعَلَ" بعضُ ما يُضاف إليه، وقد أُضيف إلى المصدر، فكان في حكم المصدر، و"أنَّ" المفتوحه واسمها وخبرها في حكم الحدث، إذ هي واسمها وخبرها في تأويلِ مصدر من لفظ خبرها مضافٍ إلى اسمها، فكأنّك قلت: "أوَّلُ قولى: الحمدُ لله".

وإذا كسرت، كان الخبر محذوفًا، ويكون "أوّل" مبتدأ، وما بعده إلى قوله: "اللهَ"


(١) في الكتاب ١/ ١٢٥: "فأمّا "ظننت أنه منطلق"، فاستُغنى بخبر "أنّ"".
(٢) تقدم بالرقم ٦٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>