للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى منهما ساكنةٌ، ادُّغمت إحداهما في الأخرى، وذلك نحو: "لَيَّةٌ"، من "لوَيْت يَدَه"، و"شيُّ" من " شوَيْته"، وأصله: "لَوْيَةٌ", و"شَوْيٌ".

وكذلك لو كانت الثانية واوًا قلبتَها ياءً، ثمّ ادغمتَ الياء فيها؛ لأنّ الواو تُقلب إلى الياء، ولا تقلب الياء إليها؛ لأنّ الياء أخفُّ، والادغامُ إنّما هو نقلُ الأثقل إلى الأخفّ. من ذلك "أَيّامٌ" في جمع "يَوْمٍ"، والأصلُ: "أَيْوامٌ"، ومثلُه "سَيِّدٌ"، و"مَيِّتٌ" وأصله: "سَيْوِدٌ"، و"مَيْوِتٌ". وقد تقدّم الكلام على ذلك قبلُ.

وأمّا النون، فإنّما جاز ادغامها في الياء، وإن لم يكن فيها لِينٌ، من قبل أنّ فيها غنّة، ولها مخرجٌ من الخيشوم، ولذلك أُجريت مجرى حروف المدّ واللين في الإعراب بها كما، يُعْرَب بحروف المدّ واللين في نحو: "يذهبان"، و"تذهبان"، و"يذهبون"، و"تذهبين"، ويُبْدَل من التنوين التابع للإعراب ألفٌ في حال النصب في نحو: "رأيت زيدًا"، فاعرفه.

فصل [ادّغام الضاد]

قال صاحب الكتاب: الضاد لا تدغم إلا في مثلها كقولك: "اقبض ضِّعفها"؛ وأما ما رواه أبو شعيب السوسي عن اليزيدي أن أبا عمرو كان يدغمها في الشين في قوله تعالى: {لبعض شأنهم} (١) , فما برئت من عيب رواية أبي شعيب. ويدغم فيها ما يدغم في الشين إلا الجيم, كقولك: "حُط ضَّمانَك"، و"زِد ضِّحكاً"، و"شدَّت ضفائرها"، و"احفظ ضأنك"، و"لم يلبث ضارباً"، و"هو الضاحك".

* * *

قال الشارح: الضاد تدغم في مثلها فقط، كقولك: "أَدْحِض ضَّرْمَةَ". ولا تدغم في غيرها لما فيها من الاستطالة التي يُذْهِبها الادغامُ، وقد رُوي عن أبي عمرو ادغامُ الضاد في الشين في قوله تعالى: {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} (٢). قال ابن مُجاهِدٍ لم يرو عنه هذا إلّا أبو شُعَيْب السُوسىّ. وهو خلافُ قول سيبويه (٣). ووجهُه أنّ الشين أشدُّ استطالةً من الضاد، وفيه تَفَشٍّ ليس في الضاد، فقد صارت الضاد أنقصَ منها، وادغامُ الأنقص في الأزيد جائرٌ. ويؤيّد ذلك أنّ سيبويه (٤) حكى أنّ بعض العرب قال: "اطَّجَعَ" في "اضْطَجَعَ".

وإذا جاز إدغامُها في الطاء فادغامُها في الشين أَولى، وليس في القرآن ضادٌ بعدها شينٌ إلا ثلاثةُ مواضع: واحدةٌ يدغمها أبو عمرو، وهي: {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} (٥)، واثنتان لا


(١) النور: ٦٢.
(٢) النور: ٦٢.
(٣) انظر الكتاب: ٤/ ٤٧٠.
(٤) الكتاب ٤/ ٤٧٠.
(٥) النور: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>