جمعُها، وذلك إذا أُسندت إلى ظاهر، نحوَ قولك:"هذا رجل ضاربٌ غلامُه"، لم تُثنِّه، ولم تجمعه، نحوَ قولك:"هذان رجلان ضاربٌ غلامُهما، ومضروبٌ أخواهما". ومن ذلك الأفعالُ المضارِعةُ، خص:"أقوم"، و"نقوم"، و"يقوم" و"تقوم" يستوي فيها ضميرُ المخاطب، والمتكلّم، والغائب في الاستتار، وعدمِ ظهورِ علامةٍ؛ لأنّ تصريفَ الفعل، وما في أوّله من حروف المضارعة يدل على المعنى، ويُغْنِي عن ذِكْرِ علامة له.
وهذا الضمير المستتر على ضربَيْن: لازمٌ وغيرُ لازم، والمراد بقولنا:"لازمٌ" أن لا يُسنَد الفعل إلى غيره من الأسماء الظاهرة والمضمرةِ ذَواتِ العلامة، وذلك نحوُ:"أقومُ"، إذا أخبرتَ عن نفسك وحدَها، و"نَقومُ" إذا أخبرتَ عن نفسك وعن غيرك، فإنّه لا يكون الفاعلُ فيهما إلّا مستكِنًّا مستترًا، وإنما لم يُسنَد إلى ظاهرِ؛ لأنّ الظاهر موضعٌ للغيبة، والمتكلّمُ حاضرٌ، فاستحال الجمعُ بينهما, ولم يظهر فيه علامةُ تثنيةِ، ولا جمع، لامتناعِ حقيقةِ التثنية والجمع منه، إذ المُتكلِّمُ لا يُشارِكه متكلّمٌ آخرُ في خطاب واحدٍ، فيكونَ اللفظُ لهما، لكنّه قد يتكلّم عن نفسه وعن غيره، فجُعل اللفظ الذي يتكلّم به عنه وعن غيره مخالِفَ اللفظ الذي له وحدَهُ، واستوى أن يكون غيرُه المضمومُ إليه واحدًا واثنين وجماعةٌ، وقد تقدّم نحوُ ذلك.
فأمّا قولُ صاحب الكتاب: فاللازمُ في أربعةِ أفعال: "افْعَلْ" للأمر فالفاعلُ فيه مستكن لا يمكن إبرازُه. و"تَفْعَلُ" للمخاطب. و"أفْعَلُ" للمتكلّم وحدَه. و"نَفْعَلُ" للمتكلّم إذا كان معه غيرُه. ومعنَى اللزوم أنّ إسنادَ هذه الأفعال إليه خاصّةً لا تُسنَد إلى مظهر، ولا إلى مضمر بارزٍ. والمرادُ بالبارز أن يكون له علامةٌ لفظيّةٌ، وذلك أن "افْعَلْ" في الأمر للواحد لا يظهر ضميرُه، ويظهر في التثنية والجمع، نحوِ:"افْعَلَا"، و"افْعَلُوا"، وكذلك "تَفْعَلُ" إذا خاطبت واحدًا لا يظهر له صورةٌ. وتظهر العلامةُ في التثنية والجمع، نحوِ:"تفعلان"، و"تفعلون". فأمّا "أفْعَلُ" إذا أخبر عن نفسه، و"نَفْعَلُ" إذا أخبر عن نفسه وعن غيره، فلا يظهر له صورةُ فاعلٍ ألبتّةَ استغناء عن ذلك بالعلامة اللاحقةِ للفعل، نحوِ الهمزة في "أفْعَلُ"، والنونِ في "نَفْعَلُ"، وما عدا ما ذكر من الأفعال لا يلزم استتارُ الضمير فيه، فاعرفه.
[فصل [ضمير الفصل أو العماد]]
قال صاحب الكتاب: ويتوسط بين المبتدأ وخبره قبل دخول العوامل اللفظية وبعده إذا كان الخبر معرفة أو مضارعاً له في امتناع دخول حرف التعريف عليه, كـ "أفعل من كذا" أحد الضمائر المنفصلة المرفوعة، ليؤذن من أول أمره بأنه خبرٌ لا نعت، وليفيد ضرباً من التوكيد. ويسميه البصريون فصلاً، والكوفيون عماداً, وذلك في قولك:"زيدٌ هو المنطلق"، و"زيدٌ هو أفضل من عمرو"، وقال تعالى: {إن