للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاد بني تميم. قال الجوهريّ (١): الصمّان موضع إلى جنب رمل عالج. وبناء "أَفْعَلُ" من هذا أسهلُ أمرًا ممّا قبله, لأنّه مأخوذ من قولهم: "أبِلَ الرجلُ" بالكسر "يَأْبَلُ" "أَبالَة" مثلِ "شَكِسَ شَكاسَةً"، فهو آبِلٌ، أي: حاذقٌ بمَصْلَحَة الإبل، فهو مأخوذ من فعل ثلاثي، كأنّهم اشتقّوا من لفظ الإبِل فعلًا، وتَصرّفوا فيه كسائر الأفعال، وأصلُ هذا المَثَلُ.

[فصل [قياسه وشذوذه]]

قال صاحب الكتاب: والقياس أن يفضل على الفاعل دون المفعول وقد شذ نحو قولهم أشغل من ذات النحيين (٢)، وأزهى من ديك (٣)، وهو أعذر منه وألوم وأشهر وأعرف وأنكر وأرجى وأخوف وأهيب وأحمد، وأنا أسر بهذا منك". قال سيبويه وهم ببيانه أعنى.

* * *

قال الشارح: قد تقدَّم القول: إنّه لا يبنى "أفعلُ من كذا" إلَّا ممّا يقال فيه: "ما أَفعَلَهُ"، و"أَفعِل به"، فلمّا لا يُتعجّب من فعل ما بُني للمفعول من الأفعال، نحو: "ضُرب"، و"شُتم فلا يقال: "ما أَضْرَبَهُ! " ولا "أَضْرِبْ به! " وقد وقع به الضربُ، فكذلك لا يقال: "هو أضرب من فلان"، ويكون مضروبًا؛ لأنهم لو فعلوا ذلك، لوقع لبسٌ بين التعجّب من الفاعل، وبيّن التعجّب من المفعول، ولأن التعجّب إنّما يكون مما يكثر حتى صار كالغَريزة له، والضربُ ونحوه إذا وقع بالمحلّ؛ فليس من فعل المفعول، إنّما هو للفاعل، فلا يصير فعلُ غيره غريزةً له, لأنّ الغريزة ما كان خِلْقة في المحلّ كالسواد والبياض، فإذا تكرّر الفعلُ من الفاعل، جُعل كالغريزة. والموجودُ من المضروب إنّما هو الاحتمال والتمرّن لا نفس الضرب. فإن تعجّبتَ من الاحتمال والتمرّن، جاز


(١) انظر: الصحاح، مادة (صمم).
(٢) هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في ثمار القلوب ص ٢٣٥، ٢٩٣؛ وجمهرة الأمثال ١/ ٥٦٤، ٢/ ٣٢٢؛ والدرّة الفاخرة ١/ ٢٦٠، ٢/ ٤٠٥؛ وزهر الأكم ٣/ ٢٣٢؛ والفاخر ص ٨٦؛ وكتاب الأمثال ص ٣٧٤؛ ولسان العرب ١٥/ ٣١٢ (نحا)؛ والمرصَّع ص ٢٩٨؛ ومجمع الأمثال ١/ ٢٥٨، ٣٧٦، ٣٨٨؛ والمستقصى ١/ ١٩٦؛ والوسيط في الأمثال ص ٤٤.
وذات النحيين امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتاها خوّات بن جبير الأنصاري، وساومها، فحلَّتْ نِحيًا (زقًا)، فنظر إليه، ثمّ قال: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره، فقالت: حل نحْيًا آخر، ففعل، فنظر إليه، فقال: أريد غير هذا فأمسكيه، ففعلت، فلمّا شغل يديها ساورها، فلم تقدر على دفعه لأنها كانت ممسكة بفمي النحيين.
(٣) هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في الألفاظ الكتابية ص ١٣٥؛ والدرّة الفاخرة ١/ ٢١٣؛ وكتاب الحيوان ٣/ ٣٠٤، ٣٠٥؛ ٧/ ١٠؛ ومجمع الأمثال ١/ ٣٢٧؛ والمستقصى ١/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>