للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[المؤنث الحقيقي والمؤنث المجازي]]

قال صاحب الكتاب: والتأنيث على ضربين: حقيقي كتأنيث المرأة أوالناقة, ونحوهما مما بازائه ذكر في الحيوان، وغير حقيقي كتأنيث الظلمة والنعل ونحوهما مما يتعلق بالوضع والاصطلاح. والحقيقي أقوى، ولذلك امتنع في حال السعة (١) "جاء هندٌ"، وجاز "طلع الشمس"، وإن كان المختار "طلعت". فإن وقع فصل استجيز نحو قولهم: "حضر القاضي امرأة", قال جرير [من الوافر]:

٧٩٤ - لقد ولد الأخيطل أم سوء ... [علي باب استها صلب وشام]

وليس بالوسع, وقد رده المبرد، واستحسن نحو قوله تعالى: {فمن جاءه موعظة} (٢) , {ولو كان بهم خصاصة} (٣).

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ المؤنّث على ضربَيْن كما ذكر: حقيقيٌّ. وغيرُ حقيقىّ، فالمؤنّث الحقيقيُّ التأنيثِ، والمذكّرُ الحقيقيُّ التذكيرِ معلومان؛ لأنّهما محسوسان، وذلك ما كان للمذكر منه فَرْجٌ خلافُ فَرْجِ الأُنثى، كالرَّجُل والمرأة، وإن شئت أن تقول: ما كان بإزائه ذَكَرٌ في الحَيَوان، نحو: "امرأة"، و"رجل"، و"ناقة"، و"جَمَل"، و"أتان"، و"عَيْر"، و"رِخْل"، و"حَمَل" وذلك يكون خِلْقة الله تعالى. وغيرُ الحقيقي أمرٌ راجعٌ إلى اللفظ بأن تُقْرَن به علامةُ التأنيث من غير أن يكون تحته معنى، نحو: "البُشْرَى"،


(١) أي: في غير الضرورة.
٧٩٤ - التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص ٢٨٣؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٣٨، ٤٠٥؛ وشرح التصريح ١/ ٢٧٩؛ ولسان العرب ١/ ٥٢٩ (صلب)؛ والمقاصد النحويّة ٢/ ٤٦٨؛ وبلا نسبة في الإنصاف ١/ ١٧٥؛ وجواهر الأدب ص١١٣؛ والخصائص ٢/ ٤١٤؛ والأشموني ١/ ١٧٣؛ والمقتضب ٢/ ١٤٨، ٣/ ٣٤٩؛ والممتع في التصريف ١/ ٢١٨.
الإعراب: "لقد": اللام: واقعة في جواب اسم مقدَّر، و"قد": حرف تحقيق. "ولد": فعل ماضٍ مبني على الفتح. "الأخيطل": مفعول به منصوب. "أمّ": فاعل مرفوع، وهو مضاف. "سوء": مضاف إليه مجرور. "على باب": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر مقدّم، وهو مضاف. "استها": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. "صلب": مبتدأ مؤخّر مرفوع. "وشام": الواو حرف عطف، و"شام": معطوف على "صلب" مرفوع.
وجملة القسم المحذوفة ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لقد ولد ... ": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "على باب استها ... ": في محلّ رفع نعت "أمّ".
والشاهد فيه قوله: "لقد ولد الأخيطل أمّ سوء" حيث لم يصل بالفعل تاء التأنيث مع أن فاعله مؤنث حقيقي، وذلك لفصله عن فاعله بالمفعول، وهذا جائز، والتأنيث أكثر.
(٢) البقرة: ٢٧٥.
(٣) الحشر:٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>