للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، فهو من باب "الحَسَنُ الوجهَ". وقيل: انتصابه على التمييز، وهو ضعيف؛ لأنه معرفة، والتمييزُ لا يكون معرفة. وقيل: إنما حسن إسقاطُ علامة التأنيث من "نعم" و"بئس"، إذا وليهما المؤنّثُ من قبل أن المرفوع بهما جنس شامل، فجرى مجرى الجمع. والفعلُ إذا وقع بعده جماعةُ المؤنّث، جاز تذكيرُ الفعل كقوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (١)، فصار قولك: "نعم المرأةُ" بمنزلةِ "نعم النساءُ"، فلهذا حسن التذكير في هذين الفعلين، ولم يحسن في غيرهما من الأفعال.

وتقول: "نعم الرجلان أخواك"، و"نعم الرجالُ إخْوَتُك"، فالرجلان فاعلُ "نعم"، وهو جنسٌ. وليست الألف واللام للعهد، والمراد: نعم هذا الجنسُ إذا مُيزوا اثنين اثنين، ونعم هذا الجنس إذا ميزوا جماعة جماعة. وكذلك تقول: "نعمت المرأتان هندٌ ودعدٌ"، و"نعمت النساءُ بناتُ عَمّك".

وإذا قلت: "نعم رجلَيْن"، أو"نعم رجالاً"، كان منصوبًا على التمييز، والفاعلُ مضمر كقولك: "نعم رجلاً". وهذا إنما يُصْلِحه ويُفْسِده التقديرُ والاعتقادُ، فإن اعتُقد في الألف واللام العهدُ، امتنع ذلك؛ لأن فاعلَ "نعم" و"بئس" لا يكون خاصًّا، وإن اعتقد فيهما الجنس والشمول، جاز. وعلى ذلك تقول: "نعم العُمَرُ عمرُ بن الخَطاب"، و"بئس الحَجّاجُ حجّاجُ بن يوسف"، تجعل "العمر" جنسًا لكل من له هذا الاسمُ، وكذلك "الحجاج"، فاعرفه.

[فصل [مطابقة المخصوص والفاعل]]

قال صاحب الكتاب: ومن حق المخصوص أن يجانس الفاعل. وقوله عز وجل: {ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا} (٢) على حذف المضاف, أي ساء مثلاً مثل القوم. ونحوه قوله تعالى: {بئس مثل القوم الذين كذبوا} (٣) ,أي مثل الذين كذبوا, ورئي أن يكون محل "الذين" مجروراً صفة للقوم، ويكون المخصوص بالذم محذوفاً، أي بئس مثل القوم المكذبين مثلهم.

* * *

قال الشارح: حقُّ المخصوص بالمدح أو الذّم أن يكون من جنس فاعله؛ لأنه إذا لم يكن من جنسه، لم يكن به تعلق، والمخصوصُ إمّا أن يكون مبتدأ وما قبله الخبر، فيلزم أن يكون من جنسه ليدل عليه بعُمُومه، ويكون دخولُه تحته بمنزلة الذكْر الراجع إليه، وإما أن يكون خبرَ مبتدأ محذوف، فيكون كالتفسير للفاعل. وإذا لم يكن من


(١) يوسف: ٣٠.
(٢) الأعراف: ١٧٧.
(٣) الجمعة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>