للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الحرف الحرفان المصدريّان

[فصل [تعدادهما]]

قال صاحب الكتاب: وهما "ما", و"أن" في قولك: "أعجبني ما صنعت, وما تصنع", أي: صنيعك, وقال الله تعالى: {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} (١) , أي: برحبها, وقد فسر به قوله عز وجل: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} (٢). وقال الشاعر [من الوافر]:

يسر المرء ما ذهب الليالي ... وكان ذهابهن له ذهابا (٣)

وتقول: "بلغني أن جاء عمرو"، و"أُريد أن تفعل"، و"إنه أهل أن يفعل".وقال الله تعالى: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا} (٤).

* * *

قال الشارح: ومن الحروف حرفان يكون كل واحد منهما وما بعده مصدرًا يُحْكَم على محلّه بالإعراب، ويقع فاعلاً ومفعولًا ومجرورًا، وهما "ما"، و"أنْ". فأمّا "ما" إذا كانت والفعلَ مصدرًا؛ ففيها خلافٌ بين أصحابنا. فسيبويه كان يقول (٥): إنّها حرفٌ كـ"أنْ"، إلَّا أنّها لا تعمل عملَها، فيقول في "أعجبني ما صنعتَ": إِنّه بمنزلةِ "أعجبني أن قمتَ"، ويلزمه على هذا أن يقول: "أعجبني ما ضربتَ زيدًا"، كما تقول: "أن ضربتَ زيدًا". قال المبرد: وكان يقوله.

والأخفش كان يرى أنها في هذه المواضع لا تكون إلَّا اسمًا، فإن كانت معرفة؛ فهي بمنزلةِ "الَّذِي" عنده، والفعل في صلتها كما يكون في صلةِ " الَّذِي"، ويرتفع كما يرتفع الفعل إذا كان في صلةِ "الذي". وتكون نكرة في تقديرِ "شَيْء"، ويكون الفعل بعدها صفةً لها، وفي كِلا الحالين لا بد من عائدٍ يعود عنده إليها، فيُجيز: "أعجبني ما صنعتَ"، والمعنى: صنعتَهُ, لأنّ الفعل متعدٍّ، فجاز أن تُقدِّر ضميرًا يكون مفعولًا، ولا


(١) التوبة: ٢٥.
(٢) الشمس:٥
(٣) تقدم بالرقم ١٣٧.
(٤) العنكبوت: ٢٩.
(٥) الكتاب ٣/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>