"أمس" وعلقته بـ "كان" أو قلت: "سيرًا متعبًا", أو أردت "كان" التامة؛ جاز فيه الوجهان, وتقول:"أسرت حتى تدخلها" بالنصب, و"أيهم سار حتى يدخلها" بالنصب والرفع.
* * *
قال الشارح: إذا قلت: "كان سيري حتى أدخلَها"، لم يحسن فيه إلَّا النصب، ولا يسوغ الرفع؛ لأنك إذا رفعت ما بعد "حتى"، كانت حرف ابتداء كـ"إذاً" و"أمَّا"، يقع بعدها الجملة، والجملةُ إذا لم يكن فيها عائدٌ إلى الأولى، وقعت منقطعة منها أجنبيّة، فلا يسوغ أن يكون خبرًا، كما لو قلت:"كان سيري فإذَا أنا أدخلُها"، لم يجز؛ لأنك لم تأتِ لـ"كَانَ" بخبر. وإذا نصبت، كانت حرف جرّ في موضع الخبر، كما تقول:"كان زيد من الكرام".
فإن زدت "أمس"، وقلت:"كان سيري أمس حتى أدخلها"، جاز النصب والرفع، وذلك على تقديرَيْن: إن جعلت "أمس" خبرًا، جاز الرفع لحصول الخبر. وهذا معنى قوله:"وعلّقته بكان"، أي: جعلته خبرًا. وإنّما حقيقةُ تعليقه بمحذوف إذا وقع خبرًا، وإن علّقته بالمصدر الذي هو السير، وجب النصب، ولم يجز الرفع, لأنك لم تأتِ بخبر، وكذلك لو قلت:"كان سيري سيرًا مُتعِبًا حتى أدخلها"، جاز الرفع؛ لأنك جئت لـ"كَانَ" بخبر، وهو قولك:"سيرًا متعبًا".
وكذلك إن جعلت "كانَ" التامّةَ؛ جاز الرفع والنصب, لأنها لا تفتقر إلى خبر إذ كانت المكتفية بفاعلها.
وأما قولهم:"أسرتَ حتى تدخلَها"؟ فلا يجوز فيه إلَّا النصب؟ لأنه قد تقدّم من قولنا إن الرفع بعد "حتى" يوجب أن يكون ما قبلها سببًا لما بعدها وموجبًا له، فلا بد أن يكون واجبًا، وأنت إِذا استفهمت، كنت غير موجِب، فلا يصلح أن يكون سببًا، فبطل الرفع، وتعيَّنَ النصب؛ لأنّ النصب قد يكون الثاني فيه غاية للأوّل غير مسبَّب عنه، وإن كان السبب والغاية يتقاربان في اشتراكهما في اتصالِ ما قبلهما بما بعدهما.
فأمّا إذا قلت:"أيّهم سار حتّى يدخلها"، فإنّه يجوز معه الأمران, لأنّ السؤال إنما وقع عن فاعل السير وتعيينِه؛ فأمَّا السير فمتحقِّقٌ، فجاز أن يكون سببًا وموجِبًا، فحينئذ يجوز الرفع؛ لأنه سبب، والنصب على الغاية أو معنَى "كَيْ".
[فصل [أوجه إعراب الفعل المضارع بعد "أو"]]
قال صاحب الكتاب: وقريء قوله تعالى: {تقاتلونهم أو يسلمون}(١) بالنصب على