للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا الأبيات التي أنشدها فقد تقدّم الكلام عليها في المصادر.

فأمّا "المُغار" فهو موضع الإغارة، ويستعمل في المكان والزمان والمفعول به.

و"المُرَكَّب": الأصل والمَنْبِت، يُقال: "فلان كريمُ المُركب" أي: كريم الأصل والمَنْصِب. و"المُتَقَلِّب" بالتاء واللام المشدّدة بمعنى التقلّب، وَيكون موضع الفعل وزمانه. و"المُقاتَل" الموضع مِن قاتَلَ. وكذلك "المُضْطَرَب" موضع الاضطراب، فاعرفه.

[فصل [صيغة "مفعلة" للمكان الذي يكثر فيه الشيء]]

قال صاحب الكتاب: وإذا كثر الشيء بالمكان قيل فيه "مَفْعَلَةُ" بالفتح. يقال: "أرض مسبعة ومأسدة ومذأبة ومحياة ومفعاة ومقثأة ومطبخة". قال سيبويه (١): ولم يجيؤا بنظير هذا فيما جاوز ثلاثة أحرف من نحو الضفدع والثعلب كراهة أن يثقل عليهم؛ لأنهم قد يستغنون بأن يقولوا كثيرة الثعالب.

* * *

قال الشارح: اعلم أن هذا الضرب من الأسماء ممّا لزمت فيه الهاء, لأنّه ليس أسماء للمكان الذي يقع فيه الفعل، وإنّما هي صفةُ الأرض التي يكثر فيها ذلك الشيء، والأرضُ مؤنثة، فكانت صفتُها كذلك، ولم يأتِ ذلك عنهم في كل شيء إلَّا أن تَقِيس، وتعلم أن العرب لم تستعمله، ولم يجيْؤوا بمثل هذا في الرباعيّ من نحو "الضفْدع"، و"الثعْلَب"، كراهيةَ أن يثقل عليهم، وكان لهم عنه مندوحةٌ أن يقولوا: "كثيرةُ الثعالب". وإنّما اختضوا بذلك بنات الثلاثة لخفّتها، ولو قالوا من بنات الأربعة، نحوَ: "مَأْسَدَةٍ"، لقيل: "مُثَعْلَبَةٌ"؛ لأن ما جاوز الثلاثة يكون نظيرُه المَفْعل بزنة المفعول، ويستوي فيه المصدر والمكان والزمان الذي في أوّله الميم زائدة، ويكون بلفظ المفعول وليس كذوات الثلاثة، فتقول في الثلاثة: "المَضْرَب" في المصدر مفتوحًا، و"المَضْرِب" بالكسر في المكان والزمان، وفي المفعول: "مَضْرُوبٌ"، فلفظ المفعول غير لفظ المكان والزمان، وتقول فيما جاوز الثلاثة: "المُقاتَل"، و"المسرَّح"، و"المُوَقَّى" في معنى القِتال والتسريح والتوْقية، وكذلك المكان والزمان، ولفظ المفعول كذلك، فقالوا على ذلك: "أرضٌ مُعَقْرَبَةٌ ومُثَعْلَبَةٌ"، فيأتي على لفظ المفعول لمجاوَزة الثلاثة، ومن قال: "ثُعالَةُ" قال: "أرضٌ مَثْعَلَةٌ"؛ لأنّه ثلاثي كـ "مَأسَدَةٍ".

وقالوا: "أرضٌ مَحْياةٌ" إذا أكثر فيها الحيات، و"أرضٌ مَفْعاةٌ" إذا كثر فيها الأفاعِي، ومذهب سيبويه (٢) أن عين "حَيَّةٍ" ياءٌ، فهو من لفظ "حَيِيتُ". وقال غيره: العين واوٌ،


(١) الكتاب: ٤/ ٩٤.
(٢) الكتاب ٣/ ٣٤٥، ٥/ ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>