ليس أصلهما التأنيث، كما كان في "ثلاثة" و"أربعة"، وذلك لأنّه لم يوجد فيهما من قوّة التضعيف ما وُجد في سائر الأعداد، فيحتاج إلى علامة تدل على قوّة التضعيف والمبالغة فيه، فاعرفه.
[فصل [حكم مميز العدد]]
قال صاحب الكتاب: والمميز على ضربين: مجرور ومنصوب, فالمجرور على ضربين: مفرد ومجموع, فالمفرد مميز المائة والألف، والمجموع مميز الثلاثة إلى العشرة, والمنصوب مميز أحد عشر إلى تسعة وتسعين, ولا يكون إلا مفرداً.
* * *
قال الشارح: تفسير العدد على ضربين: منه ما يفسَّر بالإضافة، ومنه ما يفسّر بنكرة منصوبة، فالذي يستحق التفسيرَ بالإضافة هو ما فيه تنوينٌ, لأن التنوين ضعيف لسكونه، فجاز أن يُعاقِبه المضافُ إليه. والمضاف إليه على ضربين: مفردٌ ومجموعٌ، فما كان لأدنى العدد، أضيف إلى ما بُني لجمع أدنى العدد، وأدنى العدد من "الثلاثة" إلى "العشرة"، وأدنى المجموع "أَفْعَالٌ"، و"أَفْعُلُ"، و"أَفْعِلَةُ"، و"فِعْلَةُ" والجمعُ السالم المذكّر والمؤنّث، فتقول:"عندي ثلاثةُ أَجْمالٍ، وأربعة أَفْرُخٍ، وخمسة أَرْغِفَةٍ، وتسعة غِلْمَةٍ، وعشرة أَحْمَدِينَ، وست مسلماتٍ".
فإن قيل: فكيف جازت الإضافة هنا، والأوّلُ هو الثاني، ألا ترى أنّك إذا قلت:"ثلاثة أكْلُبٍ"؛ فـ"الثلاثةُ" هي "الأكلبُ"، فيكون من قبيل إضافة الشيء إلى نفسه؟ فالجواب إنَّما جازت الإضافة هنا لأنّ الثاني ليس الأوّل من كلّ وجه, لأن الأول عددٌ، والثاني معدودٌ، والعدد غيرُ المعدود، كما أن الأجزاء غيرُ المُجَّزأ، فجازت الإضافة في مثل "ثلاثة أثواب" كما جازت في مثل "كُلِّ القوم".
وأمّا الضرب الثاني، وهو ما يضاف إلى مفرد، فـ"المائة" تقول: "عندي مائة درهمٍ"، والقياس أن تضاف إلى جمع الكثرة، لانّها عددٌ كثيرٌ، غير أنّها شابهت "العشرةَ" التي حكمُها أن تضاف إلى جماعة، و"العشرين" التي حكمُها أن تُميَّز بواحد منكور، فأخذت من كلّ واحد منهما حُكْمًا بالشَّبَه، فأضيفت بشَبَه "العشرة"، وجُعل ما تضاف إليه واحدًا بشَبَه "العشرين", لأنّ ما تضاف إليه نوعٌ يُبيِّنها، كما يُبيِّن النوع المميِّزُ "العشرين". ووجهُ الشبه بينهما:
أمّا شبهُها بـ"العشرة"، فلانّها عَقْدُ "العشرة"، كما أنّ "العشرة" عقد "الواحد", لأنّ "المائة" عشرُ مرّات "عشرةٍ"، كما أنّ "العشرة" عشرُ مرّات "واحدٍ".
وأمّا شبهُها بـ"العشرين"، فلأنّها تلى "التسعين"، فكان حكمها حكم التسعين، كما