"التسعةَ عشرَ" و"الحادِيَ عَشَرَ"، و"الخامِسَ عَشَرَ"، بفتح الآخِر منهما إلى "التاسِعَ عَشَرَ"، وتقول في الإضافة:"خمسةَ عشرَك" و"خامسَ عشرَك"، فلا يختلف حكمُ البناء في الإضافة لِما ذكرناه من العلّة.
وكان الأخفش يرى إعرابَها إذا أضفتها، وهي عددٌ، فتقول:"هذه الدراهمُ خمسةَ عَشَرُك". قال سيبويه: وهي لغة رديئة، وكان يحتجّ بأنّ "خمسة عشر" في تقديرِ تنوين، ولذلك عمِل في مُميزه، فَمَتَى أضفتَه إلى مالِكه، لم يصلح تقديرُ التنوين، لمعاقَبةِ التنوين الإضافةَ، فصار بمنزلةِ اسم لا ينصرف، فإذا أُضيف، انصرف، وأُعْرِب. وهذا الاعتلالُ فاسد؛ لأن تقدير التنوين فيه لم يكن سببَ بنائه حتى يُعْرَبَ عند زَواله، إنّما البناءُ لتضمنه حرفَ العطف، وذلك باقٍ بعد الإضافة كما قبلها. ثمّ ما ذكره منتقِضٌ بدخول الألف واللام، فإنه لا يُعرَب لذلك كما أُعرب بالإضافة، ولا فَرْقَ بينهما في معاقبة التنوين.
فإن سُمّي رجل بـ "خمسةَ عشرَ" ونحوِه من المركبات، ففيه وجهان:
أحدهما: أن تعربه، فتضمّ الراءَ في الرفع، وتفتحها فى النصب والجر، وتُجْريه مُجْرَى اسم لا ينصرف، نحوِ:"بَعْلَبَك" و"مَعْدِيكَرِبَ"، لزوالِ معنى العطف. وعلى هذا، إذا أضفت، صرفتَه، ودَخلَه الجرُّ، نحوُ:"جاءني خمسةَ عشَرُك"، و"رأيت خمسةَ عشرَك"، و"مررت بخمسةَ عشرِك".
والوجهُ الثاني: تَبْنيه بعد التسمية؛ لأنّ التركيب والبناء وقع قبل التسمية، فلمّا سمّيتَ بهما، حكيتَ حالَهما قبل التسمية.
[فصل [معاني الألفاظ المركبة]]
قال صاحب الكتاب: وكذلك الأصل وقعوا في حيص وبيص، أي في فتنة تموج بأهلها متأخرين ومتقدمين, ولقيته كفة وكفة، أي ذوي كفتين؛ كفة من اللاقي, وكفة من الملقى؛ لأن كل واحد منهما في وهلة التلاقي كاف لصاحبه أن يتجاوزه.
* * *
قال الشارح: العرب تقول: "وقع الناسُ في حَيْصَ بَيْصَ"، إذا وقعوا في فِتْنة واختلاط من أمرهم، لا مَخْرَجَ لهم منه، وهما اسمان رُكبا اسمًا واحدًا، وبُنيا بناءَ "خمسةَ عشرَ". والذي أوجب بناءَهما تقديرُ الواو فيهما، وذلك أن الأصل "وقعوا في حَيْص وبَيص"، ثم حُذفت الواو إيجازًا وتخفيفًا، والمعنى على العطف، فتضمن معنى حرف العطف، فبُني لذلك كما فعلوا في "خمسةَ عشرَ" وبابِه. و"حَيْصٌ" مأخوذ من "حَاصَ يَحِيصُ" إذا فَر، يقال:"ما عنه مَحِيص"، أي: مَهْرَبٌ، و"بَيْصٌ" مأخوذ من قولهم: "بَاصَ يَبُوصُ"، أي: فاتَ وسَبَقَ؛ لأنّه إذا وقع الاختلاطُ والفتنةُ، فمنهم هارب، ومنهم فائت. ولذلك فسرهما بفِتْنة تموج بأهلها متأخرين ومتقدمين، فالحَيْصُ: التأخّر