للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصلُه: سَألَتْ، مهموزًا. وقيل: كان أصلُه "بَداء"، على زنة "فَعالٍ"، فحُذفت الهمزة تخفيفًا كما حذفوها من "سَا يَسُو"، و"جَا يَجِي"، وأصلُه: "جَاءَ يَجِيءُ"، و"سَاءَ يَسُوءُ"، وإلى هذا أشار صاحبُ الكتاب بقوله: "فخُفّف بطرح الهمزة والإسكانِ"، يريد: بطرح الهمرة من "بداءٍ" والإسكان في "بادى".

وقالوا: "بادي بَدٍ" بالإضافة من غيرِ بْناء، وأصلُه: "بَدِيءٍ" على زنة "فَعِيلِ"، فقُصر بحذف الياء، ثمّ أُبدلت الهمزة ياءً، لانكسارِ ما قبلها على حدّ قلبها في "بادي"، أو حُذفت الهمزة حذفًا لكثرة الاستعمال، كما حُذفت في "بَدَا". فوزنُ "بَدَا" من "بادي بَدَا" على القول الأوّل: "فَعَلٌ"، وعلى القول الثاني: "فَعَا" مْحذوفَ اللام. وفيه لغاتٌ أخَرُ، قالوا: "بادي بَدْءٍ" على زنة "فَعْلٍ" بالهمزة في الثاني دون الأوّل، و"بادي بَدِيءٍ" على زنة "فَعِيلٍ" على الأصل، و"بادِىءَ بَدءٍ" على زنة فَعْلٍ بالهمزة فيهما، وعليه حديثُ زيد بن ثابتٍ: "أمّا بادِىءَ بَدْءٍ". وقال بعضهم: معنَى "بادي بدَا": ظاهرًا، مأخوذٌ من "بَدَا يَبْدُو" إذا ظهر. والوجهُ هو الأوّل لمَجِيئه مهموزًا في حديثِ زيد: "أمّا بادِىءَ بَدْءٍ" ونحو: "بادئ بَدْءٍ".

[فصل [معني"أيدي سبا"]]

قال صاحب الكتاب: يقال ذهبوا أيدي سبا وأيادي سبا أي مثل أيدي سبأ بن يشجب في تفرقهم وتبددهم في البلاد حين أرسل عليهم سيل العرم, والأيدي كناية عن الأبناء والأسرة، لأنهم في التقوي والبطش بهم بمنزلة الأيدي.

* * *

قال الشارح: يُقال: "ذهبوا أيْدِي سَبَا". وفيه لغتان: "أيْدِي سَبَا"، و"أيادِي سَبَا" فـ "أيدي" جمعُ "يَدٍ"، وهو جمعُ قلّة، وأصلُه: "أيْدُيٌ" على زنة "أفْعُلٍ"، نحوِ: "كَعْبٍ" و"أكْعُبٍ"،وإنّما كسروا العين منه لئلّا تنقلب الياءُ منهْ واوًا لانضمامِ ما قبلها، فيصير آخرُ الاسم واوًا، قبلها ضمّةٌ، وذلك معدومٌ في الأسماء المتمكّنة. ومثلُه قوله [من البسيط]:


= مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث لا محلّ لها. "هذيلٌ": فاعل. "بما": جار ومجرور متعلقان بـ "ضلَّت". "جاءت": مثل "ضلَّت"، وفاعله مستتر جوازًا تقديره: هي. "ولم": الواو: حرف عطف، "لم": حرف جازم. " تصبِ": فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر للقافية، والفاعل مستتر جوازًا تقديره: هي.
وجملة "سالتْ هذيلٌ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ضَلَّت هذيل": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب، وعطف عليها جملة "تُصِبُ"، وجملة "جاءت": صلة الوصول الاسمي لا محلّ لها من الإعراب. والشاهد فيه إبدال الألف من الهمزة في "سال"؛ لأن أصله: سألت، وليس على لغة من يقول: سال يسالُ كـ" خاف يخاف"، وهما يتساولان, لأنَّ البيت لحسان، وليست هذه من لغته، كما يقول الشنتمري.

<<  <  ج: ص:  >  >>