للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحمر عن العرب، وهو اسم للمصدر، والمرادُ البَلِيّة. والبَلاء: الاختبارُ بالخير والشرّ، يقال: "أبْلاه الله بلاءً حسنًا". قال زُهَيْر [من الطويل]:

٥٦٩ - جَزَى اللهُ بالإحسانِ ما فَعَلا بِكُمْ ... وأبْلاهما خَيْرَ البَلاءِ الذي يَبْلُو

أي: خيرَ الصَّنِيع الذي يختبِر به عِبادَه، فاعرفه.

* * *

[" فعال" المعدولة عن الصفة]

قال صاحب الكتاب: والمعدولة عن الصفة كقولهم في النداء يا فساق ويا خباث ويا لكاع ويا رطاب ويا دفار ويا خضاف ويا خزاق ويا حباق.

* * *

قال الشارح: هذا الضرب هو الثالث من ضروب "فَعالِ"، وهو أن تكون صفةً غالبة، نحو قولك: "يا فَساقِ"، و"يا غَدارِ"، و"يا خَباثِ"، ونحو ذلك ممّا ذكره. وأصلُها "فاعلةٌ"، نحو: "فاسِقة" و"غادِرة" و"خَبِيثة". وإنّما عُدل إلى "فَعالِ" لضرب من المبالغة في الفسق، والغَدْر، والخُبْث، كما عدلوا عن "راحِم" إلى "رَحْمان" للمبالغة، وكما عدلوا عن "لَئِيم" إلى "مَلأَمانَ"، وعن "لاكعٍ" إلى "مَلْكَعانَ" (١) حيث أرادوا المبالغة في الصفة، ولا يُستعمل في غير النداء غالبًا.

وإنما اختص به النداء؛ لأنّه يصير معرفةً بالقصد، كتعريفِ "رجل" في قولك: "يا رجلُ"، فاجتمع فيه التعريفُ الحاصل بالنداء، والتأنيثُ إذ كان معدولًا عن مؤنّث،


٥٦٩ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٠٩؛ ولسان العرب ١٤/ ٨٤ (بلا)؛ وتهذيب اللغة ١٥/ ٣٩٠؛ ومقاييس اللغة ١/ ٢٩٤؛ ديوان الأدب ٤/ ١٠٦؛ وتاج العروس (بلى).
الإعراب: "جزى": فعل ماض مبنى على الفتح المقدر على الألف للتعذر. "الله": لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة. "بالإحسان": جار ومجرور متعلقان بـ "جزى". "ما": اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به. "فعلا": فعل ماض مبني على الفتح، والألف: ضمير متصل مبنى في محل رفع فاعل. "بكم": جار ومجرور متعلقان بـ "فعلا". "وأبلاهما": الواو: حرف عطف، "أبلى": فعل ماض مبنى على الفتح المقدر على الألف للتعذر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو، و"هما" ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أول. "خير": مفعول به ثان منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "البلاء": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "الذي": اسم موصول مبنى في محل جرّ صفة للبلاء. "يبلو": فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدرة على الواو للثقل، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره: هو.
جملة "جزى الله": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "فعلا": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "وأبلاهما": معطوفة على جملة "جزى" لا محل لها من الإعراب. وجملة "يبلو": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "خير البلاء" حيث دلت البلاء على الاختبار بالخير، أو الصنيع الذي يختبر به عباده.
(١) الملكعان: اللئيم الدنيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>