للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصوبة. والذي يدلّ على ذلك أنك إذا رددت الفعل إلى نفسك، قلت: "عساني". قال عِمران بن حطان الخارجيّ [من الوافر]:

ولي نفسٌ أقول لها إذا ما ... تنازِعُني لَعَلّي أو عَسانِي (١)

فالنون والياء فيما آخرُه ألفٌ لا يكون إلّا نصبًا، وكان لـ"عَسَى" في الإضمار هذه الحالُ، كما كان لـ"لَوْلا" في قولهم: "لَوْلايَ"، و"لَوْلاكَ" حالٌ ليست لها مع الظاهر، وكما كان لـ"لَدُنْ" مع "غُدْوَة" حالٌ ليست لها مع غيرها من الأسماء. وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن الكاف والياء والنون في موضعِ رفع، وحجّتُه أن لفظ النصب استعير للرفع في هذا الموضع، كما استعير لفظ الجرّ في "لولاي"، و"لولاك". والقول الثالث: قول أبي العبّاس المبرّد: إن الكاف والنون والياء في "عساك" و"عساني" في موضع نصب بأنّه خبرُ "عسى"، واسمُها مضمرٌ فيها مرفوعٌ، وجعله من الشاذ الذي جاء الخبر فيه اسمًا غير فعل، كقولهم: "عسى الغوير أبؤسًا" (٢). وحُكي عنه أيضًا أنه قدَّم الخبر لأنه فعل، وحذف الفاعل لعلم المخاطب، كما قالوا: "لَيْسَ إلّا"، فاعرفه.

[فصل [تصريف "كاد"]]

قال صاحب الكتاب: وتقول: "كاد يفعل" إلى "كدن"، و"كدت تفعل"، إلي "كدتن" , و"كدت أفعل"، و"كدنا". وبعض العرب يقولون: "كدت" بالضم.

* * *

قال الشارح: يشير بذلك إلى الفرق بين "كاد"، و"عسى"، وإن كان تصرّفُهما يجري على منهاج واحد كسائر الأفعال المتصرّفة، فتقول: "زيدٌ كاد يفعل"، فيكون في "كاد" ضميرٌ مرفوعٌ يعود إلى "زيد"، كما كان ذلك في "كانَ" من قولك: "زيدٌ كان قائمًا"، و"الزيدان كادا يقومان"، و"الزيدون كادوا يقومون"، كما تقول ذلك في "كانَ". وتقول في المؤنّث: "هندٌ كادت تقوم" كما تقول: "كانت". وفي التثنية: "كادتا"، وفي الجمع: "كِدْنَ". لمّا سكنت اللام لاتّصال ضمير الفاعل به. سقطت الألف لالتقاء الساكنين، وكذلك مع المخاطب والمتكلّم.

واعلم أنهم قد اختلفوا في ألف "كاد": أمن الواو هي أم من الياء؟ والأمثلُ أن تكون من الواو، وأن تكون من باب "فَعِلَ يَفْعَلُ" مثلِ "علم يعلم". ونظيرُه من المعتلّ. "خِفْت أَخاف". وإنما قلتُ: إنها مَن الواو لأُمورٍ، منها أن انقلاب الألف إذا كانت عينًا


(١) تقدم بالرقم ٣٦٧.
(٢) هذا القول من أمثال العرب، وقد تقدّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>