قال صاحب الكتاب:"الكلمة هي اللفظة الدالّة على معنى مفردِ بالوضع. وهي جنسٌ تحته ثلاثة أنواع: الاسم، والفعل، والحرف. والكلام هو المركب من كلمتين أُسندت إحداهما إلى الأخرى, وذاك لا يتأتى إلا في اسمين، كقولك: زيدٌ أخوك، وبشرٌ صاحبك"؛ أو في فعلٍ واسمٍ، نحو قولك:"ضرب زيدٌ وانطلق بكرٌ"، وتسمَّى الجملة".
* * *
قال الشارح: - وفّقه الله- موفَّقُ الدين أبو البَقَاء يَعِيشُ بنُ علي بن يَعِيشَ النحويّ: اعلم أنّهم إذا أرادوا الدلالة على حقيقة شيءٍ وتمييزه من غيره تمييزًا ذاتيًّا حدّوه بحدّ يُحصِّل لهم الغرضَ المطلوبَ، وقد حدّ صاحب الكتاب الكلمة بما ذكر، وهذه طريقةُ الحدود أن يُؤْتَى بالجنس القريب، ثمّ يُقْرَن به جميع الفُصول، فالجنسُ يدلّ على جَوْهَر المحدود دلالةً عامّةً، والقريبُ منه أدَلُّ على حقيقة المحدود، لأنّه يتضمّن ما فوقَه من الذاتيّات العامّة؛ والفصلُ يدلّ على جوهر المحدود دلالةّ خاصّةً.
فاللفظة جِنْسٌ للكلمة، وذلك أنّها تشتمل المُهْمَل والمستعمل، فالمهملُ ما يُمْكِن ائتلافُه من الحروف ولم يَضَعْه الواضع بإزاء معنًى نحو"صص" و"كق" ونحوهما، وهذا وما كان مثله لا يسمَّى واحد منها كلمةً (١)، لأنّه ليس شيئًا من وَضْع الواضع، ويسمّى لفظة, لأنّه جماعةُ حروفٍ ملفوظٍ بها، هكذا قال سيبويه؛ فكلُّ كلمةٍ لفظةٌ، وليس كلّ لفظة كلمةً؛ ولو قال عِوَضَ اللفظة: "عَرَضٌ" أو"صَوْتٌ" لصحَّ ذلك، ولكنّ اللفظة أَقْرَبُ لأنّه يتضمّنها. والأشياء الدالّة خمسةٌ: الخَطّ، والعَقْد، والإشارة، والنصْبة، واللفْظ. وحَدَّ باللفظة لأنّها جوهرُ الكلمة، دون غيرها ممّا ذكرنا أنّه دالٌّ.
وقوله: "الدالّةُ على معنّى": فصلٌ فَصَلَه من المُهْمَل الذي لا يدلّ على معنى.