للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بـ "يَا أللهُ" من جهةِ لُزومِ الألف واللام، وإن لم يكن مثلَه، والفرقُ بينهما أن "الَّذِي"، و"الَّتِي" صفتان يمكن أن ينادَى موصوفُهما، ويُنْوَى بهما صفتَان، كقولك: "يا زيدُ الذي في الدار"، و"يا هندُ التي أكرمتِني"، ويقع صفة لـ "أيُّهَا"، نحوُ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (١) {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} (٢) وليستا اسمَيْن، ولا يكون ذلك في اسم "الله" تعالى لأنّه اسمٌ غالبٌ جرى مجرَى الأعلام كـ "زيد" و"عمرو"، وأقبحُ من ذلك قوله فيما أنشده أبو العَلاء [من الرجز]:

٢٠٦ - فيَا الغُلامانِ اللَّذان فَرَّا ... إيّاكُما أنْ تَكْسِبانا شَرًّا

وكان الذي حسّنه قليلاً وصفُه بـ "اللذان"، والصفةُ والموصوفُ كالشيء الواحد، فصار حرفُ النداء كأنه بَاشَرَ "اللذان"، ومثله قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} (٣)، فعَامَلَ موصوفَ "الَّذِي" معاملةَ "الَّذِي" في دخول الفاء في الخبر، وقد تقدّم بيانُ ذلك فاعرفه.

* * *

[فصل [تكرير المنادي في حال الإضافة]]

قال صاحب الكتاب: "وإذا كرر المنادي في حال الإضافة ففيه وجهان:


(١) البقرة: ١٥٣ وغيرها.
(٢) الحجر: ٦.
٢٠٦ - التخريج: الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٣٠؛ والإنصاف ١/ ٣٣٦؛ والدرر ٣/ ٣٠؛ وخزانة الأدب ٢/ ٢٩٤؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٩؛ واللامات ص ٥٣؛ واللمع في العربية ص ١٩٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢١٥؛ والمقتضب ٤/ ٢٤٣؛ وهمع الهوامع ١/ ١٧٤.
الإعراب: "فيا": الفاء: بحسب ما قبلها، يا: حرف نداء. "الغلامان": منادى مبنيّ على الألف لأنّه مثنّى، وهو في محل نصيب. "اللذان": اسم موصول في حل نصب نعت "الغلامان". "فرّا": فعل ماضٍ، والألف: ضمير في محلّ رفع فاعل. "إياكما": مفعول به لفعل التحذير المحذوف تقديره: "أحذر"، وهو مضاف، و"كما": في محلّ جرّ بالإضافة. "أن": حرف نصب ومصدري. "تكسِبانا": فعل مضارع منصوب بحذف النون، و"نا": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أوّل. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر بحرف جر محذوف تقديره: "من"، والجار والمجرور متعلقان بالفعل المحذوف "أحذّر". "شرًّا": مفعول به ثانٍ لـ "تكسبا".
وجملة النداء "يا الغلامان": بحسب ما قبلها. وجملة "فرّا": صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "أحذر إياكما": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تكسبانا": صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "فيا الغلامان" حيث جمع حرف النداء "يا" مع "أن" التعريف، وهذا غير جائز إلّا في الشعر.
(٣) الجمعة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>