للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا "أَعِيّاء"، و"أَعِيَّةٌ"، فاللام ثابتةٌ في واحده متحركةٌ، نحو: "عَيِىٌّ"، فقويت فيها الحركةُ لوجودها في الجمع والواحد، وقوي وجهُ الادّغام. قال أبو عثمان: وسمعنا من العرب من يقول: "أَعْيِياء"، و"أَعْيِيَةٌ"، فيُبيِّن، قال: وأكثرُ العرب يُخْفِي، ولا يدّغم، وإنّما كثُر الإخفاء, لأنّه وسيطٌ بين الإظهار والادّغام، فعدلوا إليه لاعتداله، إذ فيه محافَظةٌ على الجانبَيْن، وهو شِبْهُ الهمزة بين بين.

وأمّا "قَوِيَ"، فهو من مضاعَف الواو والعينُ، واللامُ واو. يدلّ على ذلك قولهم في المصدر: "القُوَّةُ"، ولم يُعِلّوا الواو بقلبها ألفًا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها لاعتلال اللام في المضارع، نحو: "يَقْوَى"، فلم يكونوا يجمعون عليه إعلال العين واللام، كما قلنا في "عَيِيَ" و"حَيِيَ". ولا يجوز الادّغامُ كما جاز في "حَيَّ" و"عَيَّ"؛ لاختلاف الحرفَيْن، ولم يكونا مثلَيْن لانقلاب الواو الثانية ياءً، فاعرفه.

[فصل [الإعلال في مضاعف الواو]]

قال صاحب الكتاب: ومضاعف الواو مختصٌّ بـ "فَعَلْتُ" دون "فعَلت"؛ لأنهم لو بنوا من القوة نحو غزوت وسروت, للزمهم أن يقولوا: "قَوَوْتُ", و"قَوُوتُ". وهم لاجتماع الواوين أكرَهُ منهم لاجتماع الياءين. وفي بناء نحو: "شَقِيتُ", تنقلب الواو ياء؛ وأما القُوّة والصُوّة والبَوّ والحُوّ, فمحتملاتٌ للادّغام.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ ما كان من مضاعَف الواو ماضيًا، فإنّه يكون على "فَعِلْت"، بكسر العين، فلا يأتي منه "فَعَلْت" ولا "فَعُلْت"، فلم يقولوا: "قَوَوْت"، ولا "قَوُوت"؛ لأنّهم إذا استثقلوا الواو الواحدة فبنوا الماضي على "فَعِلْت" لِتُقْلَب ياءً، نحو: ياء "شَقِيت"، و"رَضِيت", فهم باستثقال الواوين والضمّة أجدرُ، وكنت تقول في المضارع: "يَقْوُو"، فاستثقلوا اجتماع الواوين، كما استثقلوا اجتماع الهمزتين، فعدلوا إلى بناء "فَعِلْت"، لتنقلب الواو ياءٌ، ويزول الثقلُ باختلاف الحرفين على حدّ صنيعهم في "حَيَوان"، والأصل: "حَيَيان". وإذا كانوا قد قلبوا الأخفّ إلى الأثقل ليخفّ اللفظُ بزوال التضعيف، فقلبُهم الأثقلَ إلى الأخفّ لزوال التضعيف أجدرُ، فلذلك قالوا: "قَوِيت"، و"خَوِيت"، والأصل: "قَوِوت"، و"خَوِوت"، فانقلبت اللام التي هي واوٌ ياءً لانكسار ما قبلها، وصحّت العين في "قويت" و"خويت"، لاعتلال اللام، وجرى ذلك مجرَى ما لامه ياءٌ، نحو: "لوَيْت" و"رَوْيت"، كما أجروا "أَغْزَيْت" مجرَى بنات الياء.

هذا إذا كان أصل العين التحريكَ، فأمّا إذا سكنت العين، أو انفتحت، فلا يلزم قلبُ اللام ياءً، نحو: "التَّوَى"، وهو الهلاك، وهو من مضاعَف الواو يدلّ على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>