للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في "خُذْ"، والكاف في "كُلْ"، والميم في "مُر"، فحذفوها، ووزنُه من الفعل "عُلْ" محذوف الفاء. ولزم هذا الحذفُ لكثرة هذه الكلم، ولذلك جعله صاحب الكتاب غيرَ قياسىّ، ثمّ ألزموه في اثنين دون الثالث، يعني في "خُذ"، و"كُل" دون "مُرْ"، فإنك تقول فيه: "مُر"، و"أُومُرْ". قال الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} (١). جاء فيه الأمران (٢)، إلّا أنّ الحذف أكثرُ، كأنّه لنَقْصه عن مرتبةِ "خُذْ"، و"كُلْ" في كثرة الاستعمال، فاعرفه.

[فصل [حذف همزة "أل" وإثباتها]]

قال صاحب الكتاب: وإذا خففت همزة "الأحمر" على طريقها فتحركت لام التعريف اتجه لهم في ألف اللام طريقان: حذفها وهو القياس، وإبقاؤها لطروء الحركة، فقالوا لحمر وألحمر ومثل لحمر {عادلُّولى} (٣) في قراءة أبي عمرو، وقولهم: "من لان" في "من الآن". ومن قال: "ألحمر" قال "من لان" بتحريك النون كما قريء {من لرض} (٤) أو ملان بحذفها كما قيل "ملكذب".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم أنّ الهمزة المتحرّكة إذا سكن ما قبلها , ولم يكن الساكنُ من حروف المدّ واللين، فحكمُ تخفيفها بإلقاء حركتها على الساكن قبلها، وتُحذف، كقولنا في "مَسْألَة": "مَسَلَةٌ"، وفي "مِرآةٍ" ": "مِرَاةٌ". ومن ذلك "الأَحْمَر" إذا خفّفت همزته.

وقوله: "على طريقها" يعني بإلقاء حركتها على الساكن الذي هو اللام. وفي ذلك وجهان. أحدهما أن تُلْقِيَ حركة الألف على اللام، فتُحرِّك اللام وتُبْقِي ألف الوصل، ولا تحذفها: فتقول: "أَلحَمْرُ". والآخر أن تقول: "لَحْمَرُ"، فتحذف ألفَ الوصل. فمَن أثبتها مع تحرُّك اللام نوى سكونَها، إذ كانت الحركة للهمزة عارضة في اللام، فلم يعتدّ بها. وهذا معنى قوله: "لطروء الحركة"، وصار ذلك فيها كحركة التقاء الساكنين في كونها عارضةً. ألا ترى أنهم قد قالوا: "لم يَقُمِ الرجلُ"، فلم يعتدّوا بالكسرة، ولذلك لم يُعيدوا الواوَ المحذوفة لالتقاء الساكنين؟ ومن ذلك "الاِنطلاق" حرّكوا اللام لالتقاء الساكنين، ومع ذلك همزةُ الوصل ثابتةٌ لم تُحذف.

ومَن حذف الهمزة، وقال: "لَحْمَرُ"، فإنّه اعتدّ بالحركة؛ لأنّ الداعي إلى الهمزة


(١) طه: ١٣٢.
(٢) أي: تحقيق الهمزة وتخفيفها.
(٣) {عادًا الأولى} [النجم: ٥٠]. وهي قراءة أبي عمرو ويعقوب وابن محيصن وغيرهم.
انظر: البحر المحيط ٨/ ١٦٩؛ وتفسير الطبري ٢٧/ ٤٦؛ والكشاف ٤/ ٣٤؛ والنشر في القراءات العشر ١/ ٤١٠ - ٤١١؛ ومعجم القراءات القرآنية ٧/ ٢١ - ٢٢.
(٤) {من الأرض} [البقرة: ٢٦٧؛ وغيرها].

<<  <  ج: ص:  >  >>