للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف المشترك

القَسَم

فصل [ماهيَّته]

قال صاحب الكتاب: ويشترك فيه الاسم والفعل. وهو جملة فعلية أو اسمية تؤكد بها جملة موجبة أو منفية نحو قولك: حلفت بالله، وأقسمت، وآليت، وعلم الله، ويعلم الله، ولعمرك، ولعمر أبيك، ولعمر الله، ويمين الله، وايمن الله، وايم الله، وأمانة الله، وعلي عهد الله لأفعلن أو لا أفعل, ومن شأن الجملتين أن تتنزلا منزلة جملة واحدة كجملتي الشرط والجزاء، ويجوز حذف الثانية ها هنا عند الدلالة جواز ذلك ثمة. فالجملة المؤكد بها هي القسم، والمؤكدة هي القسم عليها، والاسم الذي يلصق به القسم ليعظم به ويفخم هو المقسم به.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ الغرض من القسم توكيدُ ما يُقْسَم عليه من نفي أو إثباتٍ، كقولك: "وَاللَّهِ لأقومنّ"، و"وَاللَّهِ لا أقومنّ". إنّما أكّدتَ خبرك لتُزِيل الشكّ عن المخاطب. وإنّما كان جوابُ القسم نفيًا أو إثباتًا؛ لأنّه خبرٌ. والخبر ينقسم قسمَيْن: نفيًا وإثباتًا، وهما اللذان يقع عليهما القسمُ. وأعني بالخير ما جاز فيه الصدْقُ والكِذْبُ، وأصلُه من القَسامة، وهي الأَيْمان، قيل لها ذلك لأنّها تُقْسَم على الأَوْلياء في الدم. وإذا كان خبرًا، والخبرُ جملة، جاءت على ما عليه الجُمَلُ في كونها مرّةً من فعلٍ وفاعلٍ، ومرّةً من مبتدأ وخبرٍ.

وإنّما جاز القسمُ بما كان على صيغة الخبر، وذلك أنّه وقع موقعَ ما لا يكون إلّا قسمًا من الصيغة المختصّة به، نحو قولك: "واللَّهِ لأفعلنّ".

وعَقْدُ الخبر خلافُ عقد القسم، لأنّك إذا قلت: "أحْلِفُ بالله" على سبيل الخبر، كان بمنزلة العِدَة، كأنّك ستحلف، وكذلك إذا قلت: "حلفتُ"، فإنّك إنّما أخبرت أنّك قد أقسمتَ فيما مضى، وهو بمنزلة النداء إذا قلت: "يا زيدُ"، فأنت منادٍ غير مخبر. ولو قلت: "أنادي"، أو "ناديتُ"، كان على خلافِ معنى: "يا زيدُ"، فكذلك هذا في القسم. فكما أنّك إذا قلت: "أنادي"، ونويت النداء، لم يكن النداء مخبرًا، فكذلك إذا قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>