قال صاحب الكتاب: هو نحو قولك: "جاءني زيدٌ وعمرو", وكذلك إذا نصبت, أو جررت. يتوسط الحرف بين الاسمين, فيشركهما في إعراب واحد, والحروف العاطفة تذكر في مكانها ان شاء الله.
* * *
قال الشارح: هذا الضرب هو الخامسُ من التوابع، ويُسمَّى عطفًا بحرفٍ, ويسمّى نَسَقًا، فالعطفُ من عباراتِ البصريين، والنسقُ من عبارات الكوفيين. ومعنى العطف الاشتراكُ في تأثيرِ العامل. وأصلُه المَيْلُ، كأنّه أُميل به إلى حَيّزِ الأوّل، وقيل له نسقٌ لمُساواته الأوّل في الإعراب. يقال: ثَغرٌ نَسَقٌ، إذا تَسَاوت أسنانُه، وكلامٌ نسقٌ، إذا كان على نظام واحد. ولا يتبع هذا الضربُ إلَّا بوسيطةِ حرف، نحو:"جاءني زيدٌ وعمروٌ"، فعمروٌ تابعٌ لزيد في الإعراب بواسِطَة حرف العطف الذي هو الواوُ.
وكذلك النصب والجرّ، نحو قولك:"رأيت زيدًا وعمرًا"، و"مررت يزيد وعمرو"، وإنَّما كان هذا الضربُ من التوابع لا يتبع إلَّا بتوسُّطِ حرف من قِبَل أنّ الثاني فيه غيرُ الأوّل، فلم يتّصِل إلّا بحرف، إذ كان يأتي بعدَ أن يستوفِيَ العاملُ عملَه، وهو غيرُ الأوّل، فلم يتّصل إلّا بحرف. وأمّا ما كان الثاني فيه الأول، فيتصل بغيرِ حرف كالنعت، وعطف البيان، والتأكيد، والبدلِ، وإن كان يأتي في البدل ما الثاني فيه ليس الأولَ، إلّا أنّه بعضُه، أو معنًى يشتمل عليه، وهو ضميرٌ يُعلَّقه بالأوّل، فلذلك لم يحتج إلى حرف، فأمّا الغلطُ، فليس بقياسٍ مع أنّ البدل مستقِلٌّ بالحديث، ليس في حكم التَّبَع، وإن كان ظاهرُ لفظه يُشعِر بالتَّبَعية.
قال صاحب الكتاب: والمضمر منفصله بمنزلة المظهر: يُعطف ويعطف عليه، تقول جاءني زيد وأنت، ودعوت عمراً وإياك، وما جاءني إلا أنت وزيد، وما رأيت إلا إياك وعمراً. وأما متصله فلا يتأتى أن يعطف ويعطف عليه، خلا أنه يشرط