للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منقولة من الصفة، من نحو "حارث" و"عباس"، من قولك: "مررتُ برجل حارثٍ، بمعنى الكاسب، كأنه يحرث لدُنْياه؛ وكذلك "عَباسٌ"، و"العبّاسُ": المُحْرِب الذي يعبِس في الحَرْب. وكذلك تقول: رجلٌ مُظَفَّرٌ. وهو "مُفَعَّلٌ" من "ظَفرَهُ الله".

وأمّا "الفَضْل"، و"العَلاء"، فهما، وإن كانا مصدرَيْن في الحقيقة، فقد يوصَف بالمصادر مبالغةً، كما قالوا: "ماءٌ غَوْرٌ"، و"رجلٌ عَدْلٌ"، فجرى لذلك عندهم مجرى الأوصاف الغالبة.

وهذه الصفات المنقولة ضَرْبان؛ أحدهما: ما نُقل وفيه الألف واللام، من نحو: "الحسن" و"العبّاس"، وما أشبههما؛ والآخَرُ: ما نُقل ولا لام فيه، من نحو: "سَعِيد" و"مُكَرَّم". فأمّا ما نُقل ولا لام فيه، فلا تدخله اللام بعد النقل، فلا يقال: "السعيد" ولا: "المكرّم"، لأنّ العلمية تحظر الزيادةَ، كما تحظر النقصَ.

وأمّا ما نُقل وفيه اللام فيقرّ بعد النقل عليه؛ وما أدخل فيه الألف واللام بعد النقل فمُراعاةً لمذهب الوصفيّة؛ قال الخليل: "جعلها الشيء بعينه" (١)، أي لم يجعلها كأنّه سُمي بها، وإنّما جعلها أوصافًا مفيدةً معنى الاسم في المسمّى، كما تكون الصفةُ؛ فإقرارُ اللام للإيذان ببَقايا أحكام الصفة. ومن لم يُثْبِت اللام وقال: "حارث" و"عبّاس" و"مظفَّر"، خلّصها أسماء (٢)، وعرّاها من مذهب الوصفيّة في اللفظ، وإن لم تَعْرَ من روائح الصفة، على كل حال، ألا ترى أنهم سمّوا الخُبْز "جابرًا قالوا: لأنّه يجبِر الجائعَ! وقالوا للبَلَد: "واسِطٌ قال سيبويه: "سمّوه بذلك لأنّه وَسَطُ ما بين العِراق والبصرة" (٣). فقد ترى معنى الصفة فيه، وإن لم تدخله اللام.

وقوله: "ما كان صفة في أصله، أو مصدرًا". يعني ما كان صفة قبل النقل تدخله لام التعريف، أو مصدرًا موصوفًا به على سبيل المبالغة، نحوَ: "الفضل"، و"العلاء من نحوِ: "هذا رجل فَضْلٌ وعَلاءٌ" ولا يريد كلّ مصدر. ألا ترى أنّ نحو: "زيد" و"عمرو" أصلهما المصدر، ولا تدخلهما اللام.

[فصل [تأويل العلم]]

قال صاحب الكتاب: "وقد يُتأوّل العلم بواحد من الأمة المسماة به, فلذلك من التأول يجري مجرى "رجل" و"فرس" فيُجترأ على إضافته, وإدخال اللام عليه,


(١) الكتاب ٢/ ١٠١.
(٢) في الطبعتين: "اسمًا"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص ٩٠٤.
(٣) الكتاب ٣/ ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>