للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولى موطئةٌ، والثانيةُ جوابُ القسم، واعتمادُ القسم عليه لا عملَ للشرط فيه. يدلّ على ذلك قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} (١)، الجوابُ للقسم المحذوف، والشرط مُلْغى، بدليل ثبوت النون في الفعل المنفيّ، إذ لو كان جوابًا للشرط لكان مجزومًا، فكانت النون محذوفةً. ومثله قول الشاعر [من الطويل]:

لَئِنْ عادَ لي عبدُ العَزِيزِ بمِثْلِها ... وأمْكَنَني منها إذَنْ لا أُقِيلُها (٢)

فرفع "أُقِيلُها"؛ لأنّه معتمَدُ القسم، فاعرفه.

[فصل [لام جواب "لو" و"لولا"]]

قال صاحب الكتاب: ولام جواب "لو" و"لولا", نحو قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٣) , وقوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} (٤). ودخولها لتأكيد إرتباط إحدى الجملتين بالأخرى. ويجوز حذفها, كقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} (٥). ويجوز حذف الجواب أصلاً, كقولك: "لو كان لي مالٌ" وتسكت، أي: لأنفقت, وفعلتُ. ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} (٦)، وقوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} (٧).

* * *

قال الشارح: بعضهم يجعل هذا اللام قِسمًا قائمًا برأسه، وقعت في جوابِ "لَوْ" و"لَوْلا" لتأكيد ارتباط الجملة الثانية بالأُولى. والمُحقّّقون على أنّها اللامُ التي تقع في جواب القسم، فإذا قلت: "لو جئتَني لأكرمتُك"، فتقديرُه: واللهِ لو جئتني لأكرمتُك. وكذلك اللامُ في جوابِ "لَوْلا"، إذا قلت: "لولا زيدٌ لأكرمتُك"، فتقديره: واللهِ لولا زيدٌ لأكرمتُك. فإذا صرّحتَ بالقسم، لم يكن بدٌّ من اللام، نحوَ قوله [من الطويل]:

١١٩٣ - فوَاللهِ لولا اللهُ لا شيءَ غيرُه ... لَزُعْزعَ من هذا السَّرِيرِ جَوانِبُهْ


(١) الحشر:١٢.
(٢) تقدم بالرقم ١١٨٥.
(٣) الأنبياء: ٢٢.
(٤) النساء: ٨٣.
(٥) الواقعة: ٧٠.
(٦) الرعد: ٣١.
(٧) هود: ٨٠.
١١٩٣ - التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ١٠/ ٣٣٣؛ ورصف المباني ص ٢٤١؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٣٩٤؛ وشرح شواهد المغني ص ٦٦٨؛ ولسان العرب ٨/ ١٤٢ (زعع).
المعنى: أقسم لولا أني أخشى الله، وأنصاع لنواهيه، كنت زللت عن مقام العفة الحصين.
الإعراب: "فوالله": الفاء: بحسب ما قبلها، والواو: حرف قسم وجر، "الله": لفظ الجلالة، اسم مجرور بالواو وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلّقان بفعل محذوف تقديره أقسم. "لولا الله": "لولا": حرف شرط غير جازم. و"الله": لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وخبره =

<<  <  ج: ص:  >  >>