للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من يُشِمّ الفاء شيئًا من الضمّة، فيقول: "قُيِلَ"، و"بُيعَ"، وقرأ الكسائي {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} (١)، {وَغِيضَ الْمَاءُ} (٢)، {وحُيِلَ} (٣)، {وسُيِقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (٤). وذلك أنهم أرادوا نقل حركة العين إلى الفاء لِما ذكرناه من إرادة إعلال الفعل والمحافَظةِ على حركة الفاء الأصلية، فلم يمكن الجمعُ بينهما، فأشربوا ضمّةَ الفاء شيئًا من الكسرة، فصارت حركةً بين حركتين بين الضمّة والكسرة، نحو حركة الإمالة في "جائرٍ" و"كافرٍ"؛ لأنّها بين الفتحة والكسرة.

ومنهم من يُبْقِي الضمّة الأصلية على حالها مبالغةً في البيان، ويحذف حركة العين حذفًا للإعلال، ويُنقِي الواو ساكنةً لانضمام ما قبلها, نحو: "قُولَ القولُ"، فإن كان الفعل من ذوات الياء، انقلبت ياؤه واوًا، لسكونها وانضمام ما قبلها، نحو: "بُوعَ المتاعُ"، و"عُوبَ زيدٌ"، فهذه اللغةُ في مقابَلة اللغة الأولى؛ لأن في الأولى ترجع ذواتُ الواو إلى الياء، وفي هذه اللغة ترجع ذوات الياء إلى الواو. ومثله "انْقِيدَ"، و"اخْتِيرَ" بمنزلةِ "قِيلَ" و"بِيعَ". ويجوز فيه الأوجهُ الثلاثةُ، فتقول: "انُقِيدَ" بالكسر، و"انقُيِدَ" بالإشمام، و"اتقُودَ" بالإخلاص واوًا، وكذلك تقول: "اختِيرَ"، و"اخْتُيِرَ" بالإشمام، و"اختورَ" بالإخلاص.

واعلم أنّ الجماعة قد عبّروا عن هذه الحركة بالإشمام، وهي في الحقيقة رَوْمٌ, لأنّ الروم حركةٌ خفيفةٌ، والإشمام تَهْيِئَة العُضْو للنطق بالحركة من غير صوت.

وأمّا "أُقِيمَ" و"اسْتُقِيمَ" ونحوهما، فإنّه ليس فيما قبل الياء منه إلاّ الكسرُ الخالصُ؛ لأنّ الأصل في القاف السكون، فنُقلت إليه الكسرة، ولم يكن لها أصلٌ في الحركة، فيُحافَظَ عليها بالإشمام والإخلاص، فاعرفه.

فصل [تصحيح العين شذوذًا]

قال صاحب الكتاب: وقالوا: "عَوِرَ", و"صَيِدَ" و"ازْدَوَجُوا" و"اجْتَوَرُوا"،


(١) البقرة: ١١ وغيرها. وهي أيضًا قراءة نافع والحسن والأعمش وغيرهم.
انظر: البحر المحيط ١/ ٦١؛ وتفسير القرطبي ١/ ٢٠١؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ٢٠٨؛ ومعجم القراءات القرآنية ١/ ٢٧.
(٢) هود: ٤٤. وهي أيضًا قراءة هشام ورويس.
انظر: النشر في القراءات العشر ٢/ ٢٠٨؛ ومعجم القراءات القرآنية ٣/ ١١٤.
(٣) سبأ: ٥٤. وهي أيضًا قراءة ابن عامر ورويس وغيرهما.
انظر: النشر في القراءات العشر ٢/ ٢٠٨؛ ومعجم القراءات القرآنية ٥/ ١٧٠.
(٤) الزمر: ٧١. وهي أيضًا قراءة ابن عامر ورويس وهشام وغيرهم.
انظر: النشر في القراءات العشر ٢/ ٢٠٨؛ ومعجم القراءات القرآنية ٦/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>