ألف، فأجراه مجرى المرفوع والمجرور، وسوّى بين ذلك، لزمه أن يُسوِّي بين الفتح والكسر والضمّ بتخفيف الفتحة، كما تُخفَّف الضمّة في "عَضُدٍ"، والكسرةُ في "فَخِذٍ"، و"كَتِفٍ".
ولا يكون هذا الإبدالُ إلّا في النصب، ولا يستعملونه في الرفع والجرّ، إذ لو أبدلوا من التنوين في الرفع، لكان بالواو، ولو أبدلوا في الجرّ، لكان بالياء. والواوُ والياء يثقُلان، وليسا كالألف في الخفّة. وأَزْدُ السَّراة يُجرون الرفعَ والجرَّ مجرى النصب، فيُبْدِلون، ويقولون:"هذا زَيْدُو" بالواو، وفي الجرّ:"مررت بزَيْدِي". يجعلون الرفع والجرّ مثلَ النصب، وهو في القلّة كلُغَةِ من قال:"رأيت زيدْ". وذلك أنّنا إنّما أبدلنا في النّصب من التنوين لخفّة الألف والفتحة. ولا يلزم مثلُ ذلك في الرفع والجرّ لثقل الواو والياء.
وقوله:"فلا متعلّق به لهذه اللغات"، يريد أنّ المنصوب المنوّن، إذا وُقف عليه، كان بالألف، ولا يكون فيه إشمامٌ ولا رَوْمٌ ولا تضعيفٌ.
والتضعيف له شرائط ثلاثة: أحدُها أن يكون حرفًا صحيحًا، والآخر أن لا يكون همزة، والآخرُ أن يكون ما قبل الآخر متحرّكًا؛ لأنّه إذا كان معتلاً منقوصًا أو مقصورًا، لم يكن فيه حركةٌ ظاهرةٌ، فيدخلَه الإشمامُ والرومُ لبيان الحركة. وإذا كان آخرُه همزة، لم يجز فيه التضعيف؛ لثِقَل اجتماع الهمزتَيْن. ألا ترى أنّه لم يأت في المضاعَف العين اجتماعُ الهمزتين، ولذلك لم يأت في المضاعف العين إلَّا في نحو:"رأس" و"سَأل"، مع كثرةِ ما جاء من المضاعف. ولا يكونْ إلَّا فيما كان قبل آخِره متحرّكٌ, لأنّه إن كان ساكنًا وضاعفتَ، اجتمع معك ثلاثةُ سواكنَ، وذلك ممّا لا يكون في كلامهم. فمن أسكن فهو الأصل، وعليه أكثر العرب، والفرّاء، وهو القياس. وأمّا سائر اللغات فللفرق بين ما يكون مبنيًّا على السكون على كلّ حال، وبين ما يتحرّك في الوصل، فأتوا في الوقف بما يدلّ على تحريك الكلمة في الوصل، وأنّه ليس من قبيل ما هو ساكنٌ على كلّ حال، إلَّا أنّ ذلك متفاوتٌ، فبعضُه أوكدُ من بعض، فالروم أوكد من الإشمام؛ لأنّ فيه شيئًا من جوهر الحركة، وهو الصوت، وليس في الإشمام ذلك. والتضعيفُ أوكد منهما لأنّه بَيَّنَ بحرف، وذانّك بَيَّنَا بإشارة أو حركةٍ ضعيفةٍ، فاعرفه.
[فصل [الوقف بنقل الحركة]]
قال صاحب الكتاب: وبعض العرب يحول ضمه الحرف الموقوف عليه وكسرته على الساكن قبله دون الفتحة في غير الهمزة، فيقول:"هذا بكر", و"مررت ببكر". قال [من الرجز]: