للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا في التصغير: "لُيَيْلِيَةٌ"، فصغّروه على "ليلاة"، كما جاء عليه في الجمع. وقد جمعوا ما كان على أربعة أحرف جمعَ الثلاثي، كما جمعوا الثلاثي جمعَ الرباعي، فقالوا: "حِمارٌ"، و"حَمِيرٌ"، كأنهم قدروا "حمارًا" على "حَمرٍ"، ثم جمعوه على "فَعِيل"، مثلِ: "كَلْبٍ"، و"كَلِيبٍ"، و"عَبْد"، و"عَبِيدٍ". ومثله قولهم في "صاحِب": "أصْحابٌ"، وفي "طائِرٍ": "أطيارٌ"، كأنهم قدروه "صَحْبًا"، و"طَيْرًا"، ثمّ كسّروه على "أفْعالٍ".

وقالوا: "مَكانٌ"، وهو"فَعالٌ"، يدلّ على ذلك قولُهم: "أمكِنَة"، وكسروه على "أمْكُن"، كأنه جمعُ "مَكْن" بحذف الألف؛ لأنا لا نعلم "فَعالًا" أو "فِعالاً"، أو"فُعالاً" يجمع على "أفْعُلَ" إلَّا إذا كان مؤنثًا، نحوَ: "عُقابٍ"، و"أعْقبٍ"، فاعرفه.

[فصل [جمع الجمع]]

قال صاحب الكتاب: ويجمع الجمع، فيقال في كل "أفْعُلَ", و"أفْعِلَةَ", "أفاعِلُ"، وفي كل "أفْعالٍ" أفاعيل، نحو أكالب وأساور وأناعيم. وقالوا جمائل وجمالات ورجالات وكلابات وبيوتات وحمرات وجزرات وطرقات ومعنات وعوذات ودورات ومصارين وحشاشين.

* * *

قال الشارح: اعلم أن جمع الجمع ليس بقياس، فلا يجمع كل جمع، وإنما يوقَف عند ما جمعوه من ذلك، ولا يُتجاوز إلى غيره، وذلك لأن الغرض من الجمع الدلالةُ على الكثرة، وذلك يحصل بلفظ الجمع، فلم يكن بنا حاجةٌ إلى جمع ثان. قال سيبويه (١): اعلم أنه ليس كل جمع يُجمع، كما أنه ليس كل مصدر يُجمع كـ "الأشْغال"، و"الحُلوم". وقال أبو عمر الجَرْمي: لو قلنا في "أفْلُسٍ": "أفالِسُ"، وفي "أكْلُبٍ": "أكالِبُ" وفي "أدْلٍ": "أدالٍ"، لم يجز، فإذا جمعُ الجمع شاذ.

وأما قول صاحب الكتاب: "فيقال في كل "أفْعُلَ"، و"أفْعِلَةَ": "أفاعِلُ"، وفي كل "أفْعالٍ": "أفاعيل""، فتسمحٌ في العبارة. والصوابُ ما ذكرناه.

وإنما يجمعون الجمع، إذا أرادوا المبالغة في التكثير، والإيذانَ بالضروب المختلفة من ذلك النوع على تشبيه لفظ الجمع بالواحد. وقد جاء ذلك في جمع القلة، وفي جمع الكثرة، وهو في جمع القلّة أسهلُ لدلالته على القلة، فإذا أُريد الكثيرُ، جمعوه ثانيًا. فأما مَجِيئُه في جمع القلة "أفْعُلَ"، و"أفْعِلَةَ"، و"أفْعالٍ"، فمن ذلك قولهم: "أيْدٍ"، و"أيادٍ"،


= والشاهد فيه قوله: "ليلاه" حيث تجمع على "ليالٍ".
(١) الكتاب ٣/ ٦١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>