مع الأول، والثاني كالتَّتِمّة له، فمحلُّ الثاني من الأوّل محلُّ المضاف إليه من المضاف، فكما أنّك إذا حقّرت مضافًا من نحو "عَبْدِ زيد"، و"طَلْحَةِ عمرو"، إنّما تُحقِّر الأوّل دون الثاني من نحو:"عُبَيْدِ زيد" و"طُلَيْحَةِ عمرو"، كذلك تقول:"هذا بُعَيْلَبَكُّ، وحُضَيْرَمَوْتُ، ومُعَيْدِيكرِبُ", لأنّ المضاف والمضاف إليه والمركّبَيْن بمنزلة اسم واحد طويلٍ، كـ"عَنْتَرِيسٍ"(١)، فكما تقول:"عُنَيْتِرِيسٍ"، كذلك تقول:"حُضَيْرَمَوْتُ"، فيحُلّ "موت" من "حضر" محلَّ "ريس" من "عنتريس" من حيث كان تمامًا له.
ومثله "خمسةَ عشرَ"؛ لأنّه مركّبٌ مثلُه فتقول:"هذا خُمَيْسَةَ عَشَرَ" فتُصغِّر الأوّل، وتُتْبِعه الثاني، سواءٌ في ذلك أردتَ العدد أو سمّيتَ به، وقالوا في "اثْنَا عَشَرَ"، و"اثْنَتَا عَشْرَةَ": "ثُنَيَّا عشر"، و"ثُنَيَّتَا عشرة" لأنّ محلّ "عشر" من "اثني عشر" محلُّ النون من "اثنَيْن"، وقد مضى بيانُ ذلك.
فصل [تصغير الاسم المُرخَّم]
قال صاحب الكتاب: وتحقير الترخيم أن تحذف كل شيء زيد في بنات الثلاثة والأربعة, حتى يصير الاسم على حروفه الأصول, ثم تُصغِّره, كقولك في "حارث": "حريثٌ" وفي "أسود": "سويد", وفي "خفيددٍ": "خفيدٌ", وفي "مُقعنسٍ": "قُعيسٌ", وفي "قرطاسٍ": "قُريطسٌ".
* * *
قال الشارح: معنى تصغير الترخيم أن تحذف زوائدَ الاسم في التحقير، بحيث لا يبقى إلا الأصولُ، ثلاثيًّا كان الاسمُ أو رباعيًّا، كأنّهم آثروا تخفيف الاسم بحذف زوائده؛ لما يحدث في، الاسم من الثقل بزيادة أداة التحقير، نتقول في تحقير "محمد": "حُمَيْدٌ"؟ لأنّ الميم الأولى زائدةٌ، وإحدى الميمَيْن الثانيتَيْن، فتحذفهما، فتقول في تحقير "أَحْمَدَ": "حُمَيْدٌ" أيضًا بحذف الهمزة لا غيرُ؛ لأنّها الزائدة.
وتقول في تحقير "مَحْمُودٍ": "حُمَيْدٌ"، بحذف الميم والواو؛ لأنّهما زائدتان. ولا تُبالي الإلباسَ ثِقةٍ بالقرائن، فعلى هذا تقول في "حارثٍ": "حُرَيْثٌ"، حذفتَ الألف؛ لأنّها زائدة، وبقيتَ الأحرف الأصولَ التي هي الحاء والراء والثاء، فصُغّر عليها.
وتقول في "أَسْوَدَ": "سُوَيْدٌ"، بحذف الهمزة؛ لأنّها هي الزائدة. ولا فرق بين أن تكون الزيادة للإلحاق أو لغير الإلحاق.