للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الحرف حروفُ النِّداء

[فصل [تعدادها]]

قال صاحب الكتاب: وهي "يا", و"أيا", و"هيا", و"أي", والهمزة و"وا". فالثلاثة الأول: لنداء البعيد أو من هو بمنزلته من نائم أو ساهٍ، فإذا نودي بها من عداهم فلحرص المنادى على إقبال المدعو عليه, ومُفاطنته لما يدعوه له, و"أي" الهمزة: للقريب, و"وا": للندبة خاصة.

* * *

قال الشارح: قد تقدم أنّ النداء التصويت بالمنادى لِيعطف على المنادِي. والنداءُ مصدرُ يُمَدّ ويُقصَر، وتُضَم نونُه وتُكْسَر. فَمَن مد جعله من قبيل الأصوات كالصُّراخ والبُكاء والدّعاء والرُّغاء، وكذلك مَن ضم؛ لأن غالب الأصوات مضمومٌ. ومَن قصره جعله كالصوت، والصوتُ غير ممدود. ومَن كسر النون ومَدَّ، جعله مصدَر "نَادى" كالعِداء والشراء مصدرِ"عَادَى"، و"شَارَى". وهو مشتق من قولهم: "نَدا القومُ يندو"، إذا اجتمعوا، فتشاوروا، أو تَحدثوا. ومنه قيل للموضع الذي يُفعَل فيه ذلك: "نَدِيٌّ" و"نادٍ"، وجمعُه: أندِيَةٌ، وبذلك سُمِّيت دارُ الندوَة بمَكةَ.

وحروف النداء ستة، وهي: "يا"، و"أيا"، و"هَيا"، و"أي"، والهمزةُ، و"وا". والخمسةُ يُنبه بها المدعو، فالثلاثةُ الأوُلُ يستعملونها إذا أرادوا أن يمدوا أصواتَهم للمتراخي عنهم، أو الإنسانِ المُغرِض، أو النائمِ المستثقل، و"أي" والهمزةُ تُستعملان إذا كان صاحبك قريبًا، وإنما كان كذلك من قبل أن البعيد والمتراخي والنائم المستثقل والساهي يُفتقر في دعائهم إلى رفعِ صوت ومَدّه.

وهذه الأحرفُ الثلاثة التي هي "يا"، و"أيا"، و"هَيا" أواخرهن ألفاتٌ، والألفُ مُلازِمة للمد، فاستُعملت في دعائهم لإمكان امتداد الصوت ورَفعِه بها، وليست الياءُ هنا في "أي" كذلك؛ لأنها ليست مدة من حيث كان ما قبلها مفتوحًا. وذلك لا يكون مدةً إلَّا إذا سكنت، وكان حركةُ ما قبلها من جنسها، والهمزةُ ليست من حروف

<<  <  ج: ص:  >  >>