للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُضمَر إلّا فعلٌ متعدٍّ. والوجهُ الأوّل؛ لأنّك إذا أضمرت فعلاً متعدّيًا، لا يكون من هذا الباب. ويروى: "فقلت: يمينُ الله أبرح" بالرفع. وكذلك قوله: "فذاك أمانةُ الله الثريد" على الابتداء، ويُضْمَر الخبر، ويكون التقدير: يمينُ الله قسمي، أو ما أُقْسِم به. وكذلك "أمانةُ الله لازمةٌ لي"، فحذفوا الخبر كما حذفوه في "لعَمْرُ الله"، و"أَيْمُنُ الله". وقد شبّه حذفَ الخبر هنا بحذف حرف الجرّ في "لَاهِ أبوك". يريد أنّ الحذف في كل واحد منهما لا لعلّة، بل لضرب من التخفيف لكثرة استعماله. والصوابُ أن يُشبه حذفَ الخبر ها هنا بما قد حُذف الخبر فيه، نحو حذفه بعد "لَوْلَا" في قولهم: "لولا زيدٌ لكان كذا"، ويُشبِّه حذفَ حرف القسم بحذف اللام من "لاهِ أبوك"؛ لأن كلّ واحد منهما مُوصِلٌ وعاملُ الجرّ.

واعلم أنّهم يقولون: "لاهِ أبوك ولاهِ ابنُ عمك" يريدون: لله أبوك ولله ابنُ عمّك. قال الشاعر [من البسيط]:

لاهِ ابنُ عمّك لا أفضلتَ في حَسَب (١)

فحُذفت لام الجرّ، ولام التعريف، وبقيت اللام الأصليّة. هذا رأيُ سيبويه (٢)، وأنكر ذلك أبو العبّاس المبرد، وكان يزعم أنّ المحذوف لام التعريف واللام الأصليّة، والباقية هي لام الجرّ. وإنما فُتحت؛ لئلّا ترجع الألفُ إلى الياء، مع أنّ أصل لام الجز الفتحُ.

وربّما قالوا: "لَهْيَ أبوك"، فقلبوا اللام إلى موضع العين، وأسكنوا, لأنّ العين كانت ساكنة، وهي الألف، وبنوه على الفتح؛ لأنّهم حذفوا منه لام الجرّ ولام التعريف، وتضمّن معناهما، فبُني لذلك كما بُني "أمسِ" و"الآنَ"، وفُتح آخِره تخفيفًا لِما دخله من الحذف والتغيير.

[فصل [حذف واو القسم]]

قال صاحب الكتاب: وتحذف الواو ويعوض عنها حرف التنبيه في قولهم: "لا هالله ذا"، وهمزة الاستفهام في "أالله" وقطع همزة الوصل في "أفألله". وفي "لا هالله ذا" لغتان: حذف ألف "ها" وإثباتها. وفيه قولان: أحدهما قول الخليل (٣) إن "ذا" مقسم وتقديره: لا والله للأمر ذا، فحذف الأمر لكثرة الاستعمال، ولذلك لم يجز أن يقاس عليه فيقال "ها الله أخوك" على تقديرها: الله لهذا أخوك. والثاني وهو قول


(١) تقدم بالرقم ١٠٩٨.
(٢) الكتاب ٣/ ٤٩٨.
(٣) الكتاب ٣/ ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>