ومنها الحروف الليّنة، وهي الألف والياء والواو، وهي حروف المدّ واللين، وقيل لها ذلك لاتساع مخرجها. والمَقْطَعُ إذا اتّسع انتشر الصوتُ ولانَ، وإذا ضاق انضغط فيه الصوت وصُلب، إلّا أنّ الألف أشدُّ امتدادًا واستطالةً، إذ كان أوسعَ مخرجًا، وهي الحرف الهاوى، وقد ذُكرت قبلُ.
ومنها المنحرف، وهو اللام؛ لأنّ اللسان ينحرف فيه مع الصوت، وتتجافى ناحِيَتَا مستدَق اللسان عن اعتراضهما على الصوت، فيخرج الصوتُ من تَيْنك الناحيتَيْن وممّا فُوَيْقَهما. قال سيبويه (١): وهو حرف شديد جرى فيه الصوتُ لانحراف اللسان مع الصوت.
ومن ذلك المكرَّر، وهو الراء، وذلك إذا وقفتَ عليه، رأيتَ اللسان يتعثّر بما فيه من التكرير، ولذلك احتُسب في الإمالة بحرفَيْن.
والهاوي الألف، ويقال له:"الجَرْسيّ"؛ لأنّه صوتٌ لا معتمَدَ له في الحلق. والجرسُ الصوت، وهو حرفٌ اتّسع مخرجُه لهواء الصوت أشدَّ من اتّساع مخرج الواو والياء، لأنّك تضُمّ شفتيك في الواو، وترفع لسانَك إلى الحنك في الياء؛ وأمّا الألفُ، فتجد الفم والحلق منفتحين غيرَ معترِضين على الصوت بضغطٍ ولا حصرٍ. وهذه الثلاثة أخفى الحروف لاتّساع مخرجها وأخفاهنّ، وأَوْسعُهنّ مخرجًا الألفُ.
ومنها المهتوت، وهو التاء، وذلك لما فيه من الضعف والخفاء من قولهم:"رجلٌ مِهَتٌّ وهَتّاتٌ"، أي: خفيف كثيرُ الكلام. وكان الخليل يسمّي القاف والكاف لهويّتين، لأن مَبدأهما من اللَّهاة، واللهاةُ: أقصى سَقْف الفم المُطْبِق على الفم، والجمع اللَّهَا.
والجيمَ والشينَ والضادَ شجريّة, لأنّ مبدأها من شَجْر الفم، والشجرُ ما بين اللَّحْيَيْن. والصادَ والسينَ والزايَ أسلية؛ لأنّ مبدأها من أَسَلة اللسان. والظاء والذالَ والثاء لثويّة, لأن مبدأها من اللِّثة. والراء والنونَ واللامَ ذولقيّة, لأنّ مبدأها من ذَوْلَق اللسان. والطاء والدالَ والتاء نطعيّة, لأن مبدأها من نطع الفم. وقد ذكرنا ذلك أوّلُ، وإنّما أعدناه ههنا ليُعرَف ما يحسن فيه الادغامُ، وما لا يحسن، وما يجوز فيه، وما لا يجوز على ما سيأتي، فاعرفه.
[فصل [كيفية الادغام]]
قال صاحب الكتاب: وإذا ريم ادّغام الحرف في مقاربة فلا بدّ من تقدمه قلبه إلى لفظه ليصير مثلاً له، لأن محاولة ادّغامه فيه كما هو محالٌ, فإذا رمت ادّغام الدال فى